الشركات العسكرية الخاصة تهدد افريقيا

عانت القارة الافريقية من عقود من الحروب الأهلية و الاقتتال التي مزقت بلدانها و عرقلت النمو فيها بل و أدت الى افقار و تجويع هذه الشعوب و في السنين الأخيرة ظهر عامل جديد يزيد الخطر الذي يتهدد افريقيا سوءا .

فقد لجأت أطراف النزاع و الفصائل المتنافسة الى شركات عسكرية خاصة تقدم خدمات لوجستية و تجنيد المرتزقة  و تقاتل الى صف طرف ضد الاخر مقابل الأموال و يتقوى بها كل طرف على الاخر

فكان من الضروري التعريف بهذه الشركات المرتزقة و علاقات الدول الأجنبية بها و مصالحها معها .

  • لعل من أبرز هذه الشركات هي شركة (فاغنر) :

هي منظمة روسية شبه عسكرية، وصفها البعض بأنها شركة عسكرية خاصة (أو وكالة خاصة للتعاقد العسكري) و التي يعتقد أن مقاولوها شاركو في صراعات مختلفة حول العالم ,بما في ذلك الحرب في سوريا الى جانب الحكومة السورية و كذلك في أوكرانيا في الفترة بين 2014 و 2015 الى جانب القوات الانفصالية في إقليم دونباس

  • يعتقد أخرون من ضمنهم التقارير الواردة في صحيفة نيويورك تايمز أن فاغنر هي في الواقع وحدة تتمع بالاستقلالية تابعة لوزارة الدفاع الروسية و/أو مديرية المخابرات الرئيسية متخفية والتي تستخدمها الحكومة الروسية في النزاعات التي تتطلب الإنكار، حيث يتم تدريب قواتها على منشآت وزارة الدفاع. ويعتقد أنها مملوكة لرجل الأعمال يفغيني بريغوجين الذي له صلات وثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى أنه أطلق عليه لقب “شيف بوتين” بسبب أعماله في مجال تقديم الطعام التي استضافت العشاء الذي حضره فلاديمير بوتين مع شخصيات أجنبية بارزة الى أن بريغوجين نفى علاقته بفاغنر حتى سبتمبر 2022 حيث اعترف أنه شارك في تأسيس المجموعة.
  • و قد شاركت فاغنر الصراعات في بلدان مختلفة في أفريقيا، بما في ذلك ليبيا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وموزامبيق. و قريبا سنراها في دول افريقية اخرى وفي معارك اشد ضراوة.
  • في ليبيا، أفيد بأن مجموعة فاغنر دعمت الجيش الوطني الليبي في صراعها ضد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة. في السودان، وأفادت التقارير أن مجموعة فاغنر قدمت الدعم للرئيس المخلوع عمر البشير وساعدت في تدريب قوات الأمن السودانية. وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، شاركت مجموعة فاغنر في تقديم المساعدة العسكرية للحكومة وشاركت في العمليات القتالية ضد مختلف الجماعات المتمردة. وفي موزمبيق، اتهمت مجموعة فاغنر بمساعدة الحكومة الموزمبيقية في جهودها لمكافحة التمرد في المنطقة الشمالية من البلاد خاصة في مقاطعة كابو ديلغادو
  • من الجدير بالذكر أن مشاركة مجموعة فاغنر في هذه البلدان غالبا ما تكون مثيرة للجدل وأثارت مخاوف بشأن أنشطتها وشفافيتها ومساءلتها. ربطت العديد من التقارير مجموعة فاغنر بانتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي في هذه المناطق.
  • تشير التقارير والتحقيقات إلى أن مجموعة فاغنر تعمل بمعرفة الحكومة الروسية وموافقتها الضمنية، وغالبا ما ينظر إليها على أنها أداة للنهوض بالمصالح الروسية في الخارج دون مشاركة مباشرة من الجيش الروسي. يعتقد أن مجموعة فاغنر شاركت في عمليات في البلدان التي تتمتع فيها روسيا بمصالح استراتيجية. ومن المعروف أن مجموعة فاغنر توظف أفرادا كمقاولين عسكريين خاصين، وغالبا ما يشار إليهم باسم المرتزقة. يقال إن غالبية أفرادها هم مواطنون روس من خلفيات عسكرية، بما في ذلك قدامى المحاربين في القوات المسلحة الروسية والوكالات الأمنية الأخرى. ومع ذلك، كانت هناك تقارير عن مجموعة فاغنر التي تجند أفرادا من بلدان أخرى أيضا، مثل بيلاروسيا وأوكرانيا وصربيا، من بين بلدان أخرى.
  • المصادر الدقيقة لأسلحة مجموعة فاغنر وإمدادات الذخيرة ليست واضحة دائما بسبب الطبيعة السرية للمنظمة. ومع ذلك، كانت هناك تقارير وادعاءات مختلفة تشير إلى عدة طرق ممكنة تحصل بها المجموعة على أسلحتها:

o  الفائض العسكري الروسي: تشير بعض التقارير إلى أن مجموعة فاغنر لديها إمكانية الوصول إلى أسلحة فائضة من الجيش الروسي. يمكن أن يشمل ذلك المعدات المتقاعدين أو القديمة التي لم تعد القوات المسلحة الروسية تستخدمها ولكنها لا تزال تعمل.

o  مصنعي الاسلحة :قد تحصل مجموعة فاغنر على الأسلحة والذخائر من خلال مختلف مصنعي وتجار الأسلحة. يمكن الحصول عليها من بلدان مختلفة، بما في ذلك روسيا والدول الأخرى التي تنتج وتصدر المعدات العسكرية.

o  القنوات غير الرسمية: كانت هناك ادعاءات بأن مجموعة فاغنر تحصل على أسلحة من خلال قنوات غير رسمية، والتي يمكن أن تنطوي على تهريب الأسلحة أو التعامل مع تجار الأسلحة الخاصين.

o  المصادر المحلية: في بعض مناطق النزاع، قد تحصل مجموعة فاغنر على الأسلحة والذخيرة من الميليشيات المحلية أو الجماعات المتمردة أو الكيانات المسلحة الأخرى.

  • أثارت عمليات وأنشطة مجموعة فاغنر مخاوف بشأن دورها في مناطق النزاع والانتهاكات المحتملة للقانون الدولي وحقوق الإنسان. كشركة عسكرية خاصة، غالبا ما تكون أنشطتها محمية من التدقيق العام، مما يجعل من الصعب فهم المدى بالكامل
  • 7غالبا ما تكون عملية توظيف مجموعة فاغنر والكيانات المماثلة سرية، ولا تزال التفاصيل المتعلقة بالحجم الدقيق لمجموعة فاغنر وهيكلها وعملياتها سرية في الغالب. وباعتبارها شركة عسكرية خاصة، فإن عملياتها وأفرادها لا يخضعون لنفس المستوى من الشفافية والمساءلة مثل القوات العسكرية النظامية، مما يثير المخاوف بشأن أنشطتها وانتهاكات حقوق الإنسان المحتملة في مناطق النزاع.
  • إلى جانب مجموعة فاغنر الروسية المرتبطة بالحكومة الروسية، كانت هناك العديد من مجموعات المرتزقة الأخرى المشاركة في الحروب الأهلية والصراعات في أفريقيا. فالمرتزقة هم أفراد أو شركات عسكرية خاصة تقدم خدماتها لتحقيق مكاسب مالية للقتال في النزاعات نيابة عن أحد الأطراف المعنية. تم توظيفهم من قبل حكومات مختلفة أو جماعات متمردة أو كيانات خاصة لدعم مصالحهم في مختلف الصراعات الأفريقية.

  تشمل بعض الأمثلة على مجموعات المرتزقة الأخرى التي شاركت في الصراعات في أفريقيا ما يلي:

Executive Outcom: عملت هذه الشركة العسكرية الخاصة في جنوب أفريقيا خلال التسعينيات وشاركت في صراعات في أنغولا وسيراليون.

Sandline International: شاركت شركة عسكرية خاصة أخرى من المملكة المتحدة، Sandline International، في صراعات في سيراليون.

Frontier Services Group  (FSG): على الرغم من أنها ليست مجموعة مرتزقة بشكل صارم، إلا أن FSG، وهي شركة أمنية خاصة مقرها هونغ كونغ أسسها إريك برنس، شاركت في مختلف البلدان الأفريقية، وتقدم خدمات الأمن والخدمات اللوجستية.

Saracen International: شاركت هذه الشركة العسكرية الخاصة من أوغندا في عمليات في الصومال وبلدان أفريقية أخرى.

Northbridge Services Group: كانت هذه الشركة العسكرية الخاصة نشطة في تقديم الخدمات الأمنية في مختلف البلدان الأفريقية.

S.T.T.E.P International Ltd.: أسسها موظفو Executive Outcom السابقون، وقد شاركت هذه الشركة الجنوب أفريقية في عمليات مكافحة الصيد غير المشروع ومكافحة التمرد في أفريقيا.

  • تشمل بعض الأمثلة على مجموعات المرتزقة الأخرى التي شاركت في الصراعات في أفريقيا ما يلي:

o  النتائج التنفيذية(Executive outcomes )   : عملت هذه الشركة العسكرية الخاصة في جنوب أفريقيا خلال التسعينيات وشاركت في صراعات في أنغولا وسيراليون.

o  Sandline International : هي شركةعسكرية خاصة تأسست في أوائل  العام  1990  و مقرها في المملكة المتحدة تحديدا في لندن و شاركت في العديد من النزاعات و في عام 1998 م شاركت في نزاع في سيراليون الى جانب الرئيس المخلوع (كابا)

o  مجموعة خمات فرونتير (Frontier Service Group FSG)  :  على الرغم من أنها ليست مجموعة مرتزقة بشكل صريح , إلا أنها  شركة أمنية خاصة تقدم خدمات الأمن و الطيران و الخدمات اللوجستية عملها يركز على افريقيا  مقرها هونغ كونغ و يقودها إريك برنس،الرئيس السابق لشركة بلاك ووتر الأميركية  شاركت في مختلف البلدان الأفريقية , يصف إريك برنس مهمة الشركة الرئيسة بأنها تمكين الأعمال الصينية من ممارسة نشاطها في افريقيا بشكل آمن .

o  ساراسن إنترناشيونال: شاركت هذه الشركة العسكرية الخاصة من أوغندا في عمليات في الصومال وبلدان أفريقية أخرى.

o  مجموعة خدمات نورثبريدج: كانت هذه الشركة العسكرية الخاصة نشطة في تقديم الخدمات الأمنية في مختلف البلدان الأفريقية.

o  (STTEP) International Ltd:  أسسها موظفو النتائج التنفيذية السابقون، وقد شاركت هذه الشركة الجنوب أفريقية في عمليات مكافحة الصيد غير المشروع ومكافحة التمرد في أفريقيا.

  • يمكن أن تكون مشاركة المرتزقة في النزاعات مثيرة للجدل للغاية وتثير مخاوف بشأن المساءلة والشفافية وانتهاكات حقوق الإنسان المحتملة. لا يشجع القانون الدولي بشكل عام على استخدام المرتزقة، وقد بذلت جهود لتنظيم ومنع أنشطتهم في مناطق النزاع. ومع ذلك، شهدت بعض الصراعات في أفريقيا وجود مثل هذه المجموعات على الرغم من هذه المخاوف.

إن ربط جيوش المرتزقة هذه بالدول المختلفة يؤكد مصالحها في السيطرة على الموارد المعدنية في أفريقيا من خلال شن حرب بالوكالة.

للاتحاد الأفريقي بصفته الهيئة التمثيلية ل 55 دولة أفريقية دور حاسم يلعبه على حد سواء للكف عن توظيف الجيوش الخاصة من قبل الدول ومع الدول الأجنبية التي تدعمها. وهناك أيضا حاجة إلى أن تمارس الأمم المتحدة والقوى العالمية نفوذها على الدول الراعية للجيوش الخاصة في إثارة الاضطرابات في أفريقيا.

يتطلب ذلك تشريعات ورصدا دوليا للسيطرة على أسلحة زعزعة الاستقرار الجديدة هذه.

فهل من الممكن ان نرى شركة امنية جديدة بمقاتلين عرب تنضم الى قائمة الشركات الامنية المحاربة للارهاب ؟؟؟….

 حزب الله في نيجيريا

 حزب الله في نيجيريا

  حرصت ايران على ربط الأقليات الشيعية اينما وجدت, عقائديا بمشروع ولاية الفقيه , الهادف إلى ايجاد  أذرع تعمل لمصلحتها، مما سيسمح لها بالتمدد والتاثير على الاستقرار السياسي لتلك الدول .

 تسعى إيران إلى مد نفوذها الى معظم دول العالم ذات الأهمية الاستراتيجية خاصة , ذات الموارد الغنية، خصوصا الدول التي يتواجد فيها قاعدة طائفية ” شيعية ” .

عملت ايران على مد اذرع منظمات ايرانية , حكومية وغير حكومية تحت عناويين , اجتماعية وثقافية واقتصادية .  

 يتولى تنفيذ هذه المهمة منظمة المجمع العالمي لأهل البيت التي يشرف عليها المرشد الاعلى الخامنئي بشكل مباشر، وبالتعاون مع جهاز المخابرات “اطلاعات”. واستخبارات الحرس الثوري من خلال فيلق القدس، هذه القوى المتنوعة الوسائل المتوحدة الاهداف , تكشف طبيعة الاهداف الايرانية .

وفي هذا الإطار لم تكن الدول الإفريقية بعيدا عن الطموح الإيراني، حيث عملت ايران على نشر المذهب الشيعي بنسخته الصفوية ، وعلى غرار ما هو حاصل في العراق وسورية، ولبنان، واليمن وبعض دول الخليج العربي. 

لم يكن للشيعة وجود ملحوظ كطائفة في نيجيريا قبل الثورة الإسلامية في إيران 1979  فبعدها بسنوات عرفت نيجيريا التشيع على يد إبراهيم زكزاكي، الذي أصبح الأمين العام لجمعية الطلبة المسلمين بنيجيريا ” 1977-1978″ حيث زاد نشاطه في تلك الفترة، مما أهله إلى تقلّد عدة مناصب حسّاسة في ” اتحاد الطلاب المسلمين ” في الجامعة، وقد استفاد من هذه الفرصة خير استفادة، حيث أظهر زكزاكي , لزملائه وأصدقائه داخل الجامعة , أهدافه التي تركز على ضرورة الإصلاح في البلاد ونصرة المستضعفين والوحدة بين الأمة الإسلامية والعودة إلى نهج الإسلام الأصيل، متأثرًا بشعارات الثورة الإسلامية في إيران.

 في عام 1980,  سافر الشيخ الزكزاكي إلى إيران تلبية لدعوة وُجهت إليه، حيث التقى ولأول مرة بالخميني، ثم أصبح مرجعاً لتقليد الخميني في مدرسة أهل البيت في نيجيريا.

وعقب عودته من طهران , أسس الزكزاكي الحركة الإسلامية أو” المنظمة الإسلامية” في نيجيريا في أوائل 1980، لتكون هيئة جامعة لمؤيديه ولشيعة نيجيريا .

توسعت “جماعة الزكزاكي” بمرور الوقت طوال الثمانينيات حتى أصبحت تضم عشرات الآلاف من الأعضاء.

تنامي نفوذ الشيعة في نيجيريا واتسع نطاق الحركة الشيعية لدرجة بات يوصف نفوذهم بأنه “دولة داخل الدولة” نظرا لارتفاع عدد تجمعاتهم في البلاد ووجود جمعيات عديدة في مقدمتها تنظيم “الحركة الإسلامية” في نيجيريا التي اسسها الشيخ إبراهيم الزكزاكي.

 

 

 

تأخذ الحركة من مدينة زاريا  ( ZARIYA)   مقرّا لقيادة الحركة، حيث يشرف كل عضو  من  قيادات الحركة على عدد من مندوبي الحركة في الأقاليم والولايات داخل نيجيريا.  

اما على مستوى الولايات والأقاليم , فهي مقسمة إلى دوائر وحلقات ثمّ المجالس وعلى رأس كلٍ منها مندوب أو وكيل  الذي يكون مسؤلاً أمام المجلس القيادي , كما أنّ الولاية تخضع تحت قيادة وكيل واحد بصفته المشرف المباشر على جميع مندوبي الحركة و وكلائها في المدن والمحافظات  والأحياء السّكنية والقرى الموجودة داخل الحدود الجغرافية للولاية .

من جانب آخر هناك إدارات أُخرى للمؤسسات والهيئات والمنظّمات التي أسست بأوامر الزكزاكي أو باقتراح بعض أفراد الحركة، للأهداف الإنسانية أو المذهبية أو الخَدمات الاجتماعية والإعلامية وغيرها، فمديرو  تلك المؤسسات يخضعون تحت إشراف تلك القيادات الحركية وحسب التسلسل المذكور أعلاه .

 

  مؤسسات الحركة

أسست الحركة الإسلامية ” الشيعية ” عدد من المؤسسات التعليمية والانسانية داخل وخارج نيجيريا , التي تعمل في مجالات وأصعدة ومستويات مختلفة ولكل ادارةٍ محلية أجهزة مستقلّة, ومن اهم هذه المؤسسات هي :-

1: مؤسسة الشّهداء

تأسست هذه المؤسسة في الاول من كانون الثاني1992 في مدينة زاريا وهي مؤسسة انسانية تقوم برعاية ابناء الشهداء  وكفالة الأيتام والأرامل.

2: مؤسسة الزهراء الخيرية

تأسست هذه المؤسسة في عام 2010 ، لتكون نواة لبقية مؤسسات الحركة، خاصّة التي تعمل في مجال الخدمات الاجتماعية والانسانية , كحفر الآبار وشقّ قنوات المياه وتخليص المسجونين ومساعدة الأرامل والمحتاجين.

3: مؤسسة الصحة 

تعتبر المؤسسة , رابطة للأطباء والممرضين التابعين للحركة الإسلامية الذين يعملون في المجال الطبي في القطاع العام أو الخاص .

4:المؤسسات الإعلامية

 للحركة الإسلامية في نيجيريا، أذرع إعلامية تنشر نشاطاتها بلغات محلية وكذلك باللغة الانجليزية وفي مقدمتها، صحيفة “الميزان” اليومية  التي تصدر بلغة الهوسا ، حيث تعتبر القوة الإعلامية الضاربة للحركة الاسلامية الشيعية في النيجر , تنشر فيها مقالات رجال الدين الشيعة وعلى رأسهم الزكزاكي  وتتابع نشاطاتهم داخل وخارج البلاد وتهتم بنشر الأخبار التي تخص إيران.

بالإضافة الي صحيفة “الميزان”، هنا  جريدة” المجاهد” الصادرة باللغة الإنجليزية، كما نجحوا أيضا في ظل حالة الوفاق بينهم وبين الحكومة , في شراء ساعات بث في الإذاعة والتليفزيون ليبثوا من خلالها برامجهم التي تحمل أفكارهم. 

وهناك موقع الحركة الإسلامية بالعديد من اللغات وفي مقدمتها , اللغة المحلية “الهوسا”، واللغات الانجليزية والفرنسية والفارسية.

ترعى المنظمة شبكة كبيرة من المدارس والمستشفيات والمراكز الثقافية والاجتماعية في شمالي نيجيريا وجنوبها، إضافة إلى مؤسسات اقتصادية مثل “منتدى التجارة” كما تنظم مسابقات في الشعر والنثر تقدم فيها جوائز للفائزين، كما توفر منحا للشباب للدراسة في معاهد وجامعات إيران.

كما تنظم مظاهرات حاشدة في المناسبات الشيعية المختلفة، مثل يوم عاشوراء والجمعة الأخيرة من رمضان التي جعلتها طهران يوما عالميا ( للقدس) , تعتبر المنظمة مواكبها الدينية ومظاهراتها السياسية من أنشطتها المهمة باعتبارها “وسيلة لنشر رسالة الحركة بين الناس”، رغم أن بعض هذه الفعاليات وقعت فيها اشتباكات مع الشرطة أدت إلى خسائر في الأرواح والممتلكات.

الذراع العسكري

شكلت الحركة الإسلامية بقيادة الزكزاكي , مليشيا عسكرية تطلق على نفسها مسمى (جيش المهدي).

  لهذه المجموعة عدد من المسلحين المدربين في إيران  وقد سبق أن هاجموا الجيش ورجال الأمن، كما شنوا هجمات ضد المسلمين السنة في عدة مدن شمالية في محاولة لإشعال حرب طائفية في البلاد, يبلغ عدد اعضاء الميليشيا  اكثر من 3000 مقاتل نيجيري.

  باتت نيجيريا تمثل نقطة الانطلاق لنشر المذهب الشيعي في دول إفريقية , حيث يأتي إليها الكثير من التجار، في ظل اشتغال الشيعة في التجارة وتأسيسهم منتدى التجارة لتعزيز نفوذهم الاقتصادي لتسهيل عملية نشر مذهبهم بين التجار الوافدين.

ومع تمدد المذهب الشيعي بدأت خلافات جوهرية في الظهور بينهم , أدت إلى انقسام الشيعة إلى قسمين، القسم الاول : مجموعة “الزكزاكي”  التي تعادي الدولة النيجيرية وتصفها بالطاغوت  وقد خاض أنصاره العديد من الصدامات العنيفة مع السلطة عبر عقود من الزمن.

فيما يقود القسم الثاني , اثنان من أهم اتباع الزكزاكي سابقا وهما: حمزة الأول وصالح زاريا، وكلاهما تلقى علوم التشيع في إيران وقد انشقا عن الزكزاكي، بعدما اعتبراه جاهلا بالعلوم الشرعية، وقد أبديا رغبة في الانخراط في مؤسسات الدولة المختلفة، وانتشر نشاطهما بين الشباب في الجامعات.  

 

  لقد دعمت ايران “الشيخ إبراهيم زكزاكي” الذي وصفه الإعلام الإيراني بـ”زعيم شيعة نيجيريا”، تحت إشراف القسم “7000 – فيلق إفريقيا” الذي يتولاه الضابط في الحرس الثوري “سيد علي أكبر طبطبائي” الذي يحمل جواز سفر بأسم طه مصعبي

يرى مراقبون , أن إيران تسعى من وراء دعم الزكزاكي وجماعته إلى تأسيس ميليشيا عسكرية على غرار حزب الله في لبنان، لتكون أداة الضغط على الحكومات النيجيرية، لتنفيذ مطالب وأهداف السياسة الإيرانية في القارة الإفريقية بشكل عام وفي نيجيريا بشكل خاص، نظرا لأهميتها الاقتصادية والاستراتيجية، باعتبارها أهم الدول المنتجة للنفط في القارة السمراء.

أن من بين الأهداف الإيرانية أيضا تأسيس حزب سياسي يضع هدفه الأساسي الوصول إلى سدة الحكم في نيجيريا، أو يصبح أحد أهم أذرع المؤسسات الحاكمة أو المشاركة في الحكم، وعلى أقل تقدير يكون أكبر الأحزاب المعارضة، فيما يضمن تمرير السياسة الإيرانية في نيجيريا.

ان الدعم الاقتصادي والعمل الاجتماعي والإغاثي كان من أهم الأساليب التي أدت إلى تغلل إيران في نيجيريا، كما ترسل الأسر الفقيرة أبنائها للتعلم في مدارس تدعمها ايران في نيجيريا، مما ادى الى غرس المذهب الشيعي في عقول الصغار ويتم تعليمهم في عدد من المدارس اللغة الفارسية وقد قام الملحق الثقافي الإيراني في مايس عام 2009 بعقد مؤتمر في جامعة لاجوس بعنوان “ما هي التحديات في تعلم اللغة الفارسية وثقافتها في المجتمع النيجيري”  كما يتم اختيار بعض الطلاب المتفوقين لإرسالهم إلى إيران لتلقي علوم المذهب هناك والعودة لنشره في البلاد  والعمل كمعلمين في هذه المدارس.

 

النشاطات الارهابية

 

في شهر كانون الاول عام 2010 , كشفت مصادر دبلوماسية غربية ان شحنة الأسلحة الإيرانية المهربة الى نيجيريا  التي تضمنت 13 حاوية تضم مواد للبناء, تخفي فيها ,اسلحة ومدافع أرسلها  فيلق القدس واكتشفتها السلطات النيجيرية في ميناء أبابا في لاغوس ربما تكون موجهة إلى ميليشيات محلية تعمل في نيجيريا والخارج مثل منظمة ” حسبة”  التي تفرض الشريعة الإسلامية في مقاطعة كانو شمال البلاد،  ومنظمة ” باكو حرام”  التي تنشط في الشمال، وحركة ” تحرير دلتا النيجر” التي تقاتل من أجل السيطرة على عائدات النفط في الشمال. 

وكانت مصادر نيجيرية قد ذكرت ان بعض هذه الأسلحة كان وجهتها السنغال وبالتحديد الى حركة ” القوات الديموقراطية في كازاماس”  التي تنشط في مناطق التمرد في السنغال جنوب غامبيا.

ووفقاً للمصادر , فإن الشحنة كانت جزءاً من الاستراتيجية الإيرانية لتعزيز نفوذها ووجودها في القارة الافريقية، كجزء من المهمة الكبرى المعطاة لـ” للفيلق الافريقي” في فيلق القدس، وقالت إن ضابطين من الحرس الثوري هما “عظيم أغاجاني وطباطبائي” كانا مسؤولين عن العملية، سارعا بعد اكتشاف امرها الى اللجوء الى السفارة الإيرانية في لاغوس, وقالت إن وزير الخارجية المقال منوشهر متقي نجح بإبرام صفقة بعد ممارسته ضغوطاً كبيرة على السلطات النيجيرية , بضم طباطبائي الذي دخل بجواز سفر دبلوماسي الى نيجيريا الى وفده العائد، مقابل تسليم الآخر الأقل رتبة الى السلطات النيجيرية , وقالت  المصادر , إن الأول ربما يعرف بدقة تفاصيل الأنشطة الإيرانية السرية في إفريقيا .

 في شباط 2013 , أعلن جهاز الاستخبارات النيجيري عن اكتشاف خلية عسكرية قال إنها تتلقى تعليمات من عناصر إيرانية، كانت تهدف إلى مهاجمة أهداف إسرائيلية وغربية في نيجيريا وقال المتحدث باسم الجهاز، مارلين أوغار، في ذلك الوقت، إن المجموعة خططت كذلك لاغتيال الحاكم العسكري السابق لنيجيريا، إبراهيم بابانجيدا.

كما كشفت وكالة رويترز في أواخر مايس من العام نفسه أن أجهزة الأمن النيجيرية عثرت في منزل بمدينة كانو الشمالية على أسلحة خزنها مواطنون لبنانيون وكان من المخطط استخدامها في شن هجمات على أهداف إسرائيلية وغربية.

ووصف رئيس قسم أمن ولاية كانو، باسي ايتانج، المنزل بأنه يؤوي خلية إرهابية مرتبطة بحزب الله اللبناني  وجاء في بيان آخر للجيش أن الأسلحة كانت تشتمل على مضادات للدبابات، وقذائف صاروخية وألغام مضادة للدبابات والأفراد وغيرها من الأسلحة الخطرة  وأشارت التحقيقات لاحقا إلى وجود مخطط لاغتيال السفير السعودي في نيجيريا واعترف بذلك أحد المتهمين ويدعى أحمد روضة خلال جلسة محاكمته بأبوجا.

  في مايس عام 2013، أدانت السلطات النيجيرية آغاجاني وشريكه النيجيري وحكمت عليهما بـ 5 سنوات سجن.

وعقب هجوم الجيش النيجيري، في 12 كانون الاول 2015، على مقر الحركة الإسلامية  واعتقال الشيخ الزكزاكي، احتجت ايران رسميا لدى دولة نيجيريا على الهجوم الذي شنّه الجيش ضد مجموعة صغيرة من الشيعة في بلدة زاريا (شمال البلاد) , ومما زاد من الجدل، موقف الرئيس الإيراني، الذي يعكس موقف المرشد الأعلى والنظام في إيران، حيث أجرى اتصالا مباشرا بنظيره النيجيري، محمد بخاري، طالبه فيه بإنشاء لجنة تقصي حقائق في حادث زاريا.

أعقبه اتصال أجراه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بنظيره النيجيري جيفري أونياما لكي يطلب منه أن تتحرك حكومته “فورا وبشكل جدي لتجنب العنف” ضد الشيعة في نيجيريا، كما استدعت طهران القائم بالأعمال النيجيري إلى مقر الخارجية الإيرانية التي طالبت السلطات النيجيرية بشكل جاد بتحديد أبعاد الحادث ومعالجة الجرحى وتعويض الخسائر والأضرار في أسرع وقت ممكن ، كما أوردت الخبر وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

إن الموقف الرسمي الإيراني , بدا وكأنه يتحدّث عن جالية إيرانية في نيجيريا وليس عن مجموعة من المواطنين النيجيريين المسلمين الذين يعتنقون المذهب الشيعي  والذين تمّت مواجهتهم أمنيا على خلفية محاولة إثارة الشغب والإخلال بالأمن بعدما استهدفوا قافلة تحمل قائد أركان الجيوش النيجيري يوسف بوراتاي في محاولة لاغتياله.

هذه الحادثة، كانت لتمرّ مرور الكرام، لولا تصريحات إيران، التي تعتبر تدخل سافر في الشأن النيجيري الخاص، ولم يستبعدوا أن تكون طهران وراء التصعيد الذي تمّ على خلفية هذه الحادثة، حيث تجمع العشرات أمام سفارة نيجيريا في طهران للاحتجاج على “مجزرة بحق الشيعة”، فيما نظمت تظاهرة أخرى ضمت المئات من الطلاب في إحدى جامعات العاصمة النيجيرية.

وكشف الأمين العام للجماعة الإسلامية في نيجيريا، عن النشاط الإيراني في بلاده، مشيرا إلى أنها دربت 3 آلاف شاب نيجيري للالتحاق بالصراع الدائر في سوريا والانضمام لقوات الأسد وبقية الميليشيات التي تقاتل لجانبه ومنها حزب الله .

وذكر داود عمران، الأمين العام للجماعة، أن المقاتلين التي تسعى طهران لإرسالهم الى سوريا، خضعوا للتأهيل اللازم للانخراط في المعارك، بإشراف من السفارة الإيرانية في أبوجا والقنصلية في لاغوس  وطالب حكومة بلاده بالتصدي لتلك التحركات التي تمثل تحديا صارخا وتعديا على السيادة النيجيرية وخارجة عن الإطار القانوني.

وأوضح أن إيران لها مشاريع كثيرة ممولة بملايين الدولارات لتشييع المسلمين في نيجيريا، مؤكدا أن تلك السياسة , تنفذ من قبل أربع مؤسسات إيرانية في طليعتها(المنظمة الإسلامية او الحركة الإسلامية) التي يتزعمها إبراهيم الزكزاكي الذي يعتبر شيخ الشيعة في نيجيريا، وعن طريقه تمول إيران نشاطاتها وله آلاف من الأتباع.

العلاقة مع حزب الله اللبناني   

ربما يكون وجود حزب الله  اللبناني في نيجيريا قبل الوجود الإيراني المباشر، من خلال الجاليات اللبنانية المقيمة في نيجيريا وغرب إفريقيا.

ولحزب الله اللبناني مشاريع اقتصادية في نيجيريا وغرب إفريقيا , حيث يدير مؤسسات اقتصادية وهي منافذ لغسيل الأموال عبر إفريقيا , وقد كشفت مؤخرا وزارة الخزانة الأميركية , عن شبكة لتمويل ودعم حزب الله اللبناني  مركزها نيجيريا, تتكون من ثلاثة أشخاص ينشطون في التجارة ولهم محلات سوبر ماركت وفنادق وشركات استثمارية يستخدمونها كواجهة للتغطية على أعمال مشبوهة من بينها جمع الأموال  والتجنيد والرصد لفائدة  حزب الله اللبناني.

ومن بين الأسماء التي ذكرها التقرير الأميركي , مصطفى فواز، عضو في منظمة تابعة لحزب الله، وقد اعتقل في نيجيريا عام 2013  وأقر بانتمائه للحزب، كما اعترف بأسماء آخرين ينتمون للشبكة , اما العضو الثاني فهو شقيقه فوزي فواز  عضو في  الحزب  ايضا  وقد تولى مهام العلاقات الخارجية له في أبوجا.

وكانت السلطات النيجيرية ألقت القبض عليه وبحوزته أسلحة ثقيلة وقد أظهرت التحقيقات  تورطه في أنشطة إرهابية مختلفة , اما الشخص الثالث فهو عبدالله تاحينه، عضو بارز في جماعة حزب الله في نيجيريا يتولى جمع التبرعات لصالح الحزب , تذكر وزارة الخزانة الأميركية إنه خضع لدورات عسكرية في لبنان قبل انتقاله إلى هذا البلد الأفريقي.

التقارب السعودي الإيراني وآثاره الإقليمية

التقارب السعودي الإيراني وآثاره الإقليمية:

كانت للمملكة العربية السعودية وإيران علاقة عدائية امتدت لفترات طولية كانت اهم اسبابها هو التوجه الديني المتصدر للمشهد السياسي في كلا بلدين يتبعه عدة عوامل سياسية وتوسعية، حيث بدأت أثار العداء تتوضح بصورة جلية خلال الثورة الإيرانية عام 1979. تمثل كلتا الدولتين القوميتين الطائفتين الإسلاميتين الرئيسيتين، الشيعة والسنة، مما ساهم في تغذية الخلاف بين الدولتين. دعم البلدان الأطراف المتعارضة في مختلف الصراعات، بما في ذلك في سوريا خلال حربها الأهلية وفي اليمن كذلك العراق ولبنان والبحرين،

تسبب الربيع العربي في عام 2011 في عدم الاستقرار السياسي في جميع أنحاء الشرق الأوسط ضد الوضع الراهن. استغلت إيران والمملكة العربية السعودية هذه الاضطرابات لتوسيع نفوذهما، ولا سيما في سوريا والبحرين واليمن. في البحرين، حيث احتج الشيعة على العائلة المالكة السنية، أرسلت المملكة العربية السعودية قوات لقمع الانتفاضة وألقت باللوم على إيران في إثارة الاضطرابات. تصالح المنافسون مرة أخرى بعد اندلاع الحرب السورية في عام 2011. في سوريا، دعمت إيران الرئيس بشار الأسد وقدمت له القوات العسكرية والتمويل لمحاربة المتمردين السنة. دعمت المملكة العربية السعودية في البداية الجماعات المتمردة ولكنها انضمت لاحقا إلى تحالف بقيادة الولايات المتحدة تم تشكيله لمحاربة داعش منذ عام 2014. عندما بدأ. الصراع بين الحوثيين والحكومة في عام 2015 في اليمن، أطلقت المملكة العربية السعودية تدخلا على أمل استعادة حكومة أطاح بها المتمردون الحوثيون، حلفاء إيران.

في عام 2016، بعد تدافع في مكة المكرمة، أعدمت المملكة العربية السعودية الزعيم الشيعي البارز نمر النمر، وهو منتقد للحكومة السعودية. تصاعدت التوترات المتصاعدة بين البلدين عندما اقتحم حشد من المتظاهرين الإيرانيين السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد. تم إشعال النار في مبنى السفارة بكوكتيلات مولوتوف وقنابل البنزين. حدث تمزق إقليمي آخر في يونيو 2017 عندما فرضت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها في الإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر حصارا على قطر. كانت الذريعة هي أن قطر كانت قريبة جدا من إيران وتدعم الإرهاب، وهي مزاعم نفتها الدوحة. تم إصلاح هذه الروابط لاحقا في أوائل عام 2021.

تاريخ العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران له شكوك متبادلة متزايدة. ومع ذلك، ربما أدرك كلا البلدين أن تنافسهما يؤذيهما أكثر من عدوهما، سياسيا واقتصاديا. لم يتمكن أي من الجانبين من الحصول على أي تفوق حقيقي على الآخر وربما دفعهما هذا الإدراك إلى البحث عن مرحلة جديدة في علاقتهما. في أبريل 2021، أجرت إيران والمملكة العربية السعودية أول محادثاتهما المباشرة في بغداد، على الأرجح بموافقة ضمنية من الولايات المتحدة. بين أبريل وسبتمبر 2022، عقدت أربع جولات من المحادثات، معظمها بوساطة العراق وعمان ولكن دون نتيجة ملموسة.

في مارس 2023، وافقت إيران والمملكة العربية السعودية على إعادة إقامة العلاقات بعد أربعة أيام من المحادثات غير المعلنة سابقا في بكين. اتفقت طهران والرياض على “استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وبعثاتهما في غضون فترة لا تتجاوز شهرين”. يمكن أن يكون لهذا القرار آثار إقليمية ودولية على حد سواء لأنه يمثل مرحلة جديدة في علاقتهما. سيكون المؤشر الحاسم لبداية العلاقات الجديدة هو الجهود المبذولة في تسوية القضايا الإقليمية العالقة بين القوتين. أهم عامل ناشئ من تطبيع العلاقات بين اثنين من المنافسين اللدودين هو وساطة الصين وتحويل ميزان القوى في الشرق الأوسط من مركزية الولايات المتحدة إلى التي تهيمن عليها الى الصين الآن. أعرب العديد من المسؤولين والمحللين الغربيين عن قلقهم بشأن كل من دور بكين وخطر أن تتمكن الحكومة الإيرانية من استخدام العلاقات المستعادة مع المملكة العربية السعودية لتجاوز الضغوط الأمريكية والأوروبية المكثفة المتعلقة ببرامجها النووية وقمعها للاحتجاجات المحلية ودعمها لروسيا في أوكرانيا. على الرغم من أن الصفقة التي توسطت فيها الصين تواجه تحديات كبيرة، إلا أنه يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الاستقرار الإقليمي. يمكن أن يؤدي إلى تقليل التوترات بين البلدين وربما يمهد الطريق للتعاون في القضايا الإقليمية مثل الصراعات في سوريا واليمن. تشير الصفقة إلى أن الجانبين قد أحرزا بعض التقدم في معالجة مجالات النزاع الحاسمة. أعادت المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة العلاقات الدبلوماسية المكيفة بناء على التزام إيراني بخطوات تصعيدية في اليمن. يمكن أن تكون استعادة العلاقات مقدمة للرياض حتى للانسحاب رسميا من اليمن.

ومع ذلك، من المهم ملاحظة أنه لا تزال هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها حتى تتحسن هذه العلاقة بشكل كبير وتبشر باستقرار ذي مغزى في المنطقة. من المتوقع ان هذا التقارب من الممكن ان يستغرق بعض الوقت للوصول الى مرحلة إستعادة الثقة. من المرجح أن تنظر المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص إلى الصفقة على أنها آلية تحوط لحماية نفسها من الهجمات الإيرانية أكثر من كونها إعادة تنظيم استراتيجية حقيقية. يريد قادة إيران من جانبهم أن تسحب الرياض دعمها للمعارضة الإيرانية المنفية، مما يحبط الضغط الغربي المتزايد من خلال تنويع علاقاتها مع ممالك الخليج الأخرى، وكانت المملكة العربية السعودية هي الصمود الرئيسي الوحيد وأخيرا تريد طهران تحييد التعاون الإسرائيلي المحتمل مع الدول العربية لشن هجوم عسكري على إيران. يبقى أن نرى إلى أي مدى يمكن لإيران استخدام المملكة العربية السعودية لتعويض العقوبات – بالنظر إلى أن الرياض لا تزال تدفع أوروبا والولايات المتحدة لممارسة المزيد من الضغط على إيران.

تشير الصفقة إلى زيادة مشاركة الصين في التحديات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. يدرك القادة الصينيون أن عدم الاستقرار يهدد المصالح الهامة، لا سيما في مجال الطاقة. الرياض بدورها ترى بكين كشريك ذي مصداقية متزايدة في مواجهة فك الارتباط الأمريكي، ولكن أيضا الدولة الوحيدة التي تتمتع بنفوذ حقيقي على إيران، والتي تتوقع المملكة العربية السعودية استغلالها. دور الصين في تسهيل هذه الاتفاقية شكل نوع من القلق الحقيقي لدى واشنطن. الامر الذي كان مقصود الى حد كبير من قبل القادة السعوديين، الذين يأملون أن يؤدي تهديد النفوذ الصيني المتزايد إلى ترقية الضمانات الأمنية الأمريكية. هناك آفاق ومخاوف واسعة للبعض من التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية. سيحدد الوقت في نهاية المطاف الخطوط النهائية ولكنه بالتأكيد طريق دبلوماسي وليس عسكري.

إيران الجزء الخامس ايران كما هي اليوم

إيران الجزء الخامس
ايران كما هي اليوم

1. تحولت إيران إلى دولة إسلامية في عام 1979 ونشرت نفوذها في الشرق الأوسط من خلال دعم التشدد المواتي لطموحاتها الإقليمية. في مايو 2018، انسحبت إدارة ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي تفاوضت عليه ست قوى عالمية وإيران. كان الأساس المنطقي الذي طرحته الإدارة الأمريكية هو أن الصفقة لم تحدد بشكل كافي من قبل ايران ممثلة ببرنامج طهران النووي أو تعالج برنامجها الصاروخي والذي يمثل التحدي الاكبر كذلك فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان ودعم الإرهاب، كان العامل الذي ساهم في هذا القرار أيضا العلاقات الودية المتطرفة بين إدارة ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
أعادت واشنطن فرض العقوبات كجزء من حملة “الضغط الأقصى” لتغيير سلوك طهران. في يناير 2020، أعادت إيران حساب استراتيجيتها بعد أن قتلت ضربة أمريكية قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي يعتبر الشخصية الابرز في ادارة الصراع في استراتيجيات إيران في العراق وسوريا.

2. في عام 2021، أطلقت الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس بايدن مبادرة دبلوماسية جديدة لجعل كل من طهران وواشنطن تمتثلان تماما للاتفاق النووي لعام 2015. بدأت المحادثات غير المباشرة في الأشهر الأخيرة من فترة ولاية الرئيس الإيراني حسن روحاني واستمرت في عهد الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي ، وهو رجل دين متشدد تولى منصبه في أغسطس 2021 ولكن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بحلول نهاية عام 2022.

3. في سبتمبر 2022، اندلع الاستياء الشديد من السياسات الصارمة لرجال الدين، واستمرار الحرمان الاقتصادي وانتهاكات حقوق الإنسان، في جميع أنحاء إيران. كانت الذريعة هي وفاة ماهسا أميني، وهي فتاة كردية تبلغ من العمر 22 عاما تم احتجازها بسبب فستان غير لائق. سرعان ما تطورت المظاهرات الى احتجاجات تعد الاكبر في السنوات الاخيرة والتي دعت صراحة للإطاحة بالمرشد الأعلى وإنهاء الجمهورية الإسلامية. كما نظمت احتجاجات مماثلة لدعم الحركة الجماهيرية الإيرانية في مختلف عواصم العالم الغربي. ردت قوات الأمن الإيرانية بقوة شرسة باتجاه قمع هذه الاحتجاجات .

4. في 9 مارس في مقدمة دبلوماسية رئيسية، اتفقت إيران والمملكة العربية السعودية على استعادة العلاقات وإعادة فتح السفارات بعد سبع سنوات من قطع العلاقات. جاء الاتفاق بعد محادثات توسطت فيها الصين في بكين. قطعت الرياض العلاقات مع طهران بعد أن هاجم المتظاهرون الإيرانيون البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران في عام 2016 بعد الإعدام السعودي لرجل الدين الشيعي نمر النمر، من المحتمل أن يكون للاتفاق آثار واسعة على الاتفاق النووي الإيراني والحرب الأهلية في اليمن، حيث يخوض الجانبان حرب بالوكالة. تعكس الصفقة التي تم الانتهاء منها في الصين أيضا التوجه الجديد للمملكة العربية السعودية لإجراء سياسة خارجية مستقلة عن الغرب. وفي حقيقة الامر للدهشة فأن المحادثات بين المملكة العربية السعودية وإيران بشأن المصالحة المحتملة مستمرة منذ سنوات بشكل رئيسي في العراق. و إن استئناف العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية يبشر بالخير بالنسبة للأمم الإسلامية ويمكن أن يبشر بالسلام في المناطق المضطربة إذ ان كلا الجانبين منخرطين في حروب بالوكالة. ومع ذلك، يمكن أن يكون للصفقة آثار على الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لعزل إيران اقتصاديا من خلال العقوبات. ستسبب الصفقة أيضا القلق بين العديد من السياسيين الإسرائيليين الذين سعوا إلى العزلة العالمية لمنافستهم اللدودة إيران

إيران – الجزء الرابع. اقتصاد

إيران – الجزء الرابع. اقتصاد

الاقتصاد في جمهورية إيران الإسلامية هو اقتصاد مختلط مع قطاع كبير مملوك للدولة وهو الأكبر في الشرق الأوسط من حيث الناتج المحلي الإجمالي. إنها تحتل المرتبة 21 في العالم من حيث تعادل القوة الشرائية. يخضع ما يقرب من 60٪ من الاقتصاد الإيراني لسيطرة مركزية ويهيمن عليه قطاعا النفط والغاز. تمتلك إيران 10٪ من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم و15٪ من احتياطيات الغاز.
لم تكن الثورة في ايران تملك استراتيجية اقتصادية او رؤية واضحة للتطوير الاقتصاد الايراني و تنظيمه اضافة الى بعدها عن قطاع العمال والمزارعين رغم طرحها لبعض السياسات الاقتصادية التي يمكن أن تسمى استراتيجية التنمية الاقتصادية الإسلامية ، يمكن وصف التحول الرئيسي في السياسة بعد الثورة بأنه متحيز للحضر ومتمحور حول النخبة إلى ريفي – متحيز وشعبوي. ترك النهج المؤيد للثورة في المناطق الريفية والفقراء بصماته من خلال بناء البنية التحتية التي قضت على الانقسام الريفي الحضري، وهو من بقايا ماضي إيران الإقطاعي و أدى التوسع في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء ومياه الشرب النظيفة والصحة والتعليم بعد الثورة إلى الحد بشكل حاد من الفقر ومن عام 1990 إلى أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان الاقتصاد الإيراني في مسار تصاعدي. لكنه بدأ في الانخفاض بعد أن فرضت القوى العالمية عقوبات معوقة في محاولة لجعل قادة إيران يوافقون على الحد من برنامجهم النووي. جلب الاتفاق النووي لعام 2015 مع الولايات المتحدة تخفيفا ولكن بعد أقل من ثلاث سنوات تخلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الصفقة وأعاد فرض العقوبات التي أوقفت معظم صادرات النفط الإيرانية، يحاول الاقتصاد الإيراني تعافيه التدريجي من الركود الذي دام عقدا من الزمان والذي شهدت جولتان من العقوبات الاقتصادية، وشكلت أسعار النفط ووباء كوفيد-19 العامل الرئيسي فيه. على الرغم من التعديلات التي تغلبت جزئيا على تأثير الصدمات الخارجية، لا يزال الاقتصاد مقيدا بسبب أوجه القصور الواسعة النطاق وتشوهات الأسعار. بدأ الانتعاش الاقتصادي بشكل رئيسي في منتصف عام 2020، مدفوعا بقطاع النفط. كما أضرت تحديات تغير المناخ في إيران بالنمو خاصة في قطاعي الزراعة والصناعة كثيفة العمالة، في أعقاب ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار. تقيد هذه العوامل وتيرة الانتعاش وديناميكية الاقتصاد في التوقعات..

توقع البنك الدولي أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الإيراني إلى أقل من 2 في المائة في عام 2024. شهد العام الماضي ارتفاعا كبيرا في معدلات التضخم وانخفاضا تاريخيا في قيمة الريال الإيراني. وأدت الاحتجاجات التي أعقبت وفاة امرأة كردية تبلغ من العمر 22 عاما ماهسا أميني إلى تضخيم الصرير في اقتصاد البلاد. وفقا للإحصاءات، يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر بسبب ارتفاع الأسعار. ارتفعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في البلاد إلى 45٪ في عام 2020 ويبلغ معدل البطالة أكثر من 14٪ ، ولزيادة الإيرادات، زادت إيران صادراتها النفطية إلى الصين إلى أكثر من 1.2 مليون برميل يوميا. تسببت العقوبات في الواقع في إحماء إيران للمنافسين الغربيين مثل الصين وروسيا. أعلنت الصين في تطور كبير عن استثمار 400 مليار دولار أمريكي في قطاع الطاقة الإيراني موزعة على 25 عاما. يقال إن إيران وروسيا تجريان محادثات حول إدخال عملة مستقرة، مدعومة بالذهب لتجاوز العقوبات الغربية في المعاملات عبر الحدود.

لا تزال المخاطر على التوقعات الاقتصادية الإيرانية كبيرة. يمكن أن تؤثر تحديات تغير المناخ المكثفة وكذلك نقص الطاقة والتضخم المفرط بشكل كبير على التوقعات الاقتصادية المستقبلية، وتشكل خطرا محتملا للتوترات الاجتماعية. تتعلق مخاطر الجانب السلبي الأخرى بتجدد تفشي كوفيد-19، والمزيد من التباطؤ في الطلب العالمي وزيادة التوترات الجيوسياسية. يمكن أن تكون توقعات النمو المتوقعة أقوى إذا تم رفع العقوبات الاقتصادية. ويمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط أيضا إلى زيادة تحسين الأرصدة المالية والخارجية.

إيران – الجزء الثالث. ما بعد الثورة الإسلامية

إيران – الجزء الثالث. ما بعد الثورة الإسلامية

1. في عام 1979، أصبحت البلاد المعروفة سابقا باسم بلاد فارس جمهورية إيران الإسلامية. عارضت الثورة الإسلامية السياسات العلمانية الغربية لشاه إيران الاستبدادي رضا بهلوي وبعد الإطاحة به تدير الدولة حكومة ثيوقراطية إسلامية استبدادية. رئيس الدولة هو المرشد الأعلى، علي خامنئي، الذي يمارس السيطرة الأيديولوجية والسياسية على الدولة، ويسيطر على القوات المسلحة ويتخذ القرارات بشأن الأمن والقضايا الهامة المتعلقة بالسياسة الخارجية.

رئيس الحكومة والسلطة التنفيذية هو الرئيس، الذي يتم انتخابه بالاقتراع الشعبي لمدة أربع سنوات ولا يمكن أن يخدم أكثر من فترتين متتاليتين. كان هناك إجراء منتظم للانتخابات في إيران بعد الثورة الإسلامية وحتى الانتخابات الرئاسية الأخيرة في يونيو 2021 أجريت ثلاثة عشر انتخابات. يتم تقليص سلطة الرئيس بقرارات المرشد الأعلى، وتأثير رجال الدين الإسلاميين والمحافظين في الجهاز القسري والقضاء في إيران.

مباشرة بعد الثورة الإسلامية، في نوفمبر 1979، تم احتجاز 52 دبلوماسيا ومواطنا أمريكيا كرهائن بعد أن استولت مجموعة من طلاب الجامعات الإيرانيين على السفارة في طهران. تبع ذلك مواجهة دبلوماسية لمدة 444 يوما حتى إطلاق سراح الرهائن في 20 يناير 1981. أدت هذه الأزمة إلى قطع العلاقات الأمريكية الإيرانية وفرض عقوبات على إيران.

شهدت العلاقات العراقية الايرانيه ومنذ عهد الشاه مشاكل حدوديه مايخص ترسيم الحدود وعمليات التهريب ورعي الاغنام وما الى ذلك (ونود الى لفت النظر ات خط التهريب من خلال الحدود العرقية الايرانيه وخاصة ضمن حدود محافظ ديالى هو خط قديم وتطور مع الازمان) واستقرت الامور خلال حكم الرئيس عبد الرحمن عارف بعد زيارته الى طهران عام ٦٦ او ٦٧ وحتى بعد ثورة ١٩٨٦ رجعت الامور الى حاله من الكر والفر

في سبتمبر 1980، شهد العلاقات تصعيد سريع لمشاكل ترسيم الحدود وتخللها قصف ايراني لبعض المناطق الحدودية وخاصة في محافظ ديالى وادى الى ان شن العراق هجوم شامل باتجاه الحدود الايرانيه ، كانت الحرب الإيرانية العراقية متعددة الأوجه وشملت انشقاقات دينية ونزاعات حدودية وخلافات سياسية. استمر القتال المطول لمدة ثماني سنوات وانتهى في عام 1988 بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار، على الرغم من أن استئناف العلاقات الدبلوماسية الطبيعية وانسحاب القوات يمكن أن يحدث في أغسطس 1990. كانت الحرب واحدة من أكثر الصراعات تدميرا في أواخر القرن العشرين. تقدر الخسائر في كلا الجانبين بنحو 500000 مع معاناة إيران من خسائر أكبر. أضافت الحرب إلى انتشار النفوذ والأيديولوجية الإيرانية في دول الجوار.

بعد الثورة الإسلامية، لتعزيز أيديولوجيتها ونفوذها، دعمت إيران المسلحين في العراق وسوريا ولبنان واليمن وحماس الذين يعملون ضد إسرائيل. صنفت الولايات المتحدة إيران كدولة راعية للإرهاب في يناير 1984.

في عام 2015، وقعت إيران اتفاقا نوويا تم التفاوض عليه مع القوى العالمية الست للاستفادة من تخصيب اليورانيوم مما يؤدي إلى صنع جهاز نووي. ألغت الولايات المتحدة هذا الاتفاق في ظل إدارة ترامب في مايو 2018 بحجة أن الصفقة لم تحد بشكل كاف من برنامج طهران النووي أو تعالج برنامجها الصاروخي وانتهاكات حقوق الإنسان ودعم الإرهاب. أعادت واشنطن فرض العقوبات كجزء من “أقصى قدر من الضغط” لتغيير سلوك طهران. في يناير 2020، أعادت إيران حساب استراتيجيتها بعد أن قتلت غارة أمريكية قائد فيلق القدس قاسم سليماني. في عام 2021، أطلقت إدارة بايدن جهدا دبلوماسيا جديدا لحمل كل من طهران وواشنطن على الامتثال الكامل للاتفاق النووي لعام 2015. بدأت المحادثات غير المباشرة في الأشهر الأخيرة للرئيس السابق حسن روحاني واستمرت في عهد الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، رجل الدين المتشدد الذي تولى منصبه في أغسطس 2021 ولكن المفاوضات انهارت في خريف عام 2022.

في سبتمبر 2022، اندلعت احتجاجات في جميع أنحاء إيران بسبب وفاة ماهسا أميني، وهو كردي يبلغ من العمر 22 عاما كان محتجزا بسبب ارتداء ملابس غير لائقة. كانت الاضطرابات تغلي على مر السنين ضد فرض قوانين إسلامية صارمة، والأزمة الاقتصادية المستمرة، وانعدام حرية التعبير، وانتهاك حقوق المرأة وما إلى ذلك، ووفاة الفتاة التي أشعلت العملية.

سرعان ما تطورت المظاهرات، وهي الأكبر منذ عقود، إلى دعوات للإطاحة بالمرشد الأعلى وإنهاء الجمهورية الإسلامية. ردت قوات الأمن بالقوة المميتة، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 234 شخصا من بينهم 29 طفلا. كانت هناك حالات سابقة من الاضطرابات في إيران في عام 2009 عندما خرج الملايين من الناس إلى الشوارع بعد انتخابات رئاسية متنازع عليها وفي عام 2017، 2019 بسبب الصعوبات الاقتصادية ولكن الاضطرابات الحالية هي الثورة الحقيقية ضد سياسات النظام الإسلامي. وغني عن القول أن هذه الاحتجاجات قد غذتها إسرائيل ودول غربية أخرى معادية للسلطة في إيران. يستمر المأزق حتى اليوم ومن المرجح ألا يعود الوضع إلى. طبيعته وان هناك تغيير في النظام في إيران.

إيران – الجزء الثاني. الثورة الإسلامية

إيران – الجزء الثاني. الثورة الإسلامية
واستكمالا للحديث حول جمهورية ايران الاسلامية فاننا سنتعرض في هذا الجزء للثورة الاسلامية بعدة نقاط محورية شكلت الوجه الحالي للنظام في ايران واسهمت في تشكيل الملامح السياسية الحالية في المنطقة وهي:

1- شكلت الثورة الإيرانية عام 1979 أو إنقلاب إيران سلسلة من الأحداث التي أدت إلى الإطاحة بسلالة بهلوي وتعتبر العام المحوري في العصر المعاصر لإعادة تركيز الانتباه بعيدًا عن حقبة الحرب الباردة. أثرت الثورة على الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية في عشرات البلدان على مدى العقود التي تلت ذلك ، وخلافًا لمعظم الانتفاضات الأخرى التي أطاحت بالديكتاتوريين ، فإن نتيجة النضال الإيراني لم تكن إقامة ديمقراطية ليبرالية بل شكل جديد من النظام الاستبدادي التوسعي في المنطقة والذي امتدت اثاره الى خارج حدود الجمهورية الاسلامية فكرياً وسياسياً.

2. بعد الانقلاب الإيراني عام 1953 ، تحالف رضا شاه بهلوي مع الولايات المتحدة والكتلة الغربية لتعزيز حكمه في تلك الفترة ، واعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي للبقاء في السلطة التي دامت ل 26 عامًا أخرى. أدى ذلك إلى إطلاق “الثورة البيضاء” وإقالة البرلمان في عام 1963. كانت الثورة البيضاء التي استبشر بها الكثير والتي شكلت برنامج تحديث قوي أدى إلى قلب ثروة وتأثير مالكي الأراضي ورجال الدين ، وأدت كذلك إلى اضطراب الاقتصادات الريفية ، و إلى تمدين  و تغريب سريع مما أثار سلسلة من المخاوف بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان ،
وكان البرنامج ناجحًا اقتصاديًا ولكن الفوائد على ارض الواقع لم يتم توزيعها بالتساوي.
اشتدت المعارضة لسياسات الشاه في السبعينيات بسبب الإنفاق الحكومي الثقيل ، وارتفاع معدلات التضخم ، وركود القوة الشرائية الإيرانية و تدني مستويات المعيشة ،
بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية و ازدياد القمع الاجتماعي والسياسي من قبل نظام الشاه و تهميش أحزاب المعارضة وتبع ذلك اعتقالات سياسية ورقابة على نطاق واسع .

ادى هذا الشعور بالحرمان الى تحرك ، شرائح متنوعة من المجتمع تضم مفكرين علمانيين و علماء شيعة وشخصيات من المجتمع الاقتصادي الريفي على منصة واحدة تحت تأثير شعبوي لآية الله الخميني.
والذي كان أستاذًا سابقًا للفلسفة في قوام ، ونفي عام 1964 بعد أن تحدث بصراحة جارحة ضد إصلاحات الشاه المزعومة في وقتها،
وفي ضل تلك الاضطرابات المدنية ، انضم أعضاء من الجبهة الوطنية وحزب توده أيضًا إلى العلماء في معارضة واسعة لنظام الشاه.
واصل الخميني الوعظ في المنفى حول شرور نظام بهلوي ، متهماً الشاه بعدم التدين والخضوع للقوى الأجنبية.
الامر الذي عززه في ذلك الوقت اعتماد الشاه على الولايات المتحدة ، وعلاقاته الوثيقة بإسرائيل وسياسات نظامه الاقتصادية غير المدروسة والتي ساهمت في تأجيج قوة الخطاب المعارض لدى الجماهير ، وكان الشعار الأكثر انتشارًا والأكثر شيوعًا و الذي وحد الأحزاب الثورية المختلفة وأنصارها ” دعوه (الشاه) يذهب وليكن بعد ذلك فيضان “.

3. في كانون الثاني (يناير) 1978 ، نزل الآلاف من الطلاب الشباب من المدارس الدينية إلى الشوارع بسبب تصريحات الافتراء التي وجهت إلى الخميني في إحدى صحف طهران. وانضم إليهم آلاف الشباب العاطلين عن العمل،
وبالتزامن مع الشاه المنهك من مرض السرطان و المذهول من التصاعد المفاجئ للأعمال العدائية المفتوحة ضده ، تردد بين التنازلات والقمع.
قُتل في ذلك الوقت العديد من المتظاهرين على أيدي القوات الحكومية مما أدى إلى الأحكام العرفية في 8 سبتمبر ومزيد من القتل.
في تلك الفترة وخلال منفاه ، نسق الخميني تصعيد المعارضة ، أولاً من العراق وبعد 1978 من فرنسا – مطالبين بتنحي الشاه.
في يناير 1979 ، فر الشاه وعائلته من إيران ، وفشل مجلس الوصاية الذي تأسس لإدارة البلاد في العمل أو السيطرة على الصراع المدني.
تظاهر حشد من أكثر من مليون شخص في طهران ، ما يثبت جاذبية واسعة للخميني الذي وصل إلى إيران في 1 فبراير.
بعد عشرة أيام ، أعلنت القوات المسلحة الإيرانية حيادها ، وأطاحت عمليا بنظام الشاه.

4. في 1 أبريل ، من خلال حكم ساحق في الاستفتاء ، أعلن الخميني إيران جمهورية إسلامية.
تحرك رجال الدين على الفور لاستبعاد حليفهم القومي اليساري المفكر السابق من موقع القوة في النظام الجديد وفرضت العودة إلى القيم الاجتماعية المحافظة.
أُعلن بطلان قانون حماية الأسرة (1967 والمعدل في 1975) ، الذي وفر ضمانات وحقوق للمرأة في الزواج ،
وقامت العصابات الثورية المتمركزة في المساجد والمعروفة باسم komitehs بدوريات في الشوارع لفرض قواعد اللباس والسلوك الإسلامية  و تطبيق العدالة المرتجلة على الثورة المفروضة.
بذلت الميليشيات ورجال الدين قصارى جهدهم لقمع النفوذ الثقافي الغربي.و في مواجهة ذلك الاضطهاد فر العديد من النخب المتعلمة في الغرب من البلاد.
أدت هذه المشاعر المعادية للغرب في النهاية إلى احتجاز 66 رهينة في السفارة الأمريكية في نوفمبر 1979 من قبل مجموعة من المتظاهرين الإيرانيين الذين طالبوا بتسليم الشاه الذي كان في ذلك الوقت يخضع للعلاج الطبي في أمريكا.
أقر مجلس الخبراء المشكل من قبل الخميني (مجلس الخبيرجان) الذي يهيمن عليه رجال الدين دستورًا جديدًا من خلال استفتاء يعطي سلطات واسعة للزعيم ، وكان أولهم الخميني نفسه.

5. من أوائل 1979 إلى 1983 ، ظلت إيران في “وضع الأزمة الثورية”.
بعد الإطاحة بالنظام الملكي الاستبدادي ، انهار الاقتصاد وجهاز الحكومة وكانت القوات العسكرية والعلمانية في حالة من الفوضى.
ومع ذلك ، بحلول عام 1983 ، كان الخميني وأنصاره قد سحقوا الفصائل المتنافسة ، وهزموا التمرد المحلي وعززوا سلطتهم.
الأحداث الكبرى التي شكلت الأزمة وثورتها كانت أزمة رهائن إيران ، والحرب العراقية الايرانية ، ورئاسة أبو الحسن بني صدر من خلال الانتخابات.
هناك اعتقاد واسع الانتشار بأن ما بدأ كثورة شعبية أصيلة ومعادية للديكتاتورية سرعان ما تحول إلى استيلاء أصولية إسلامية على السلطة ،
حيث كان الخميني زعيمًا روحيًا أكثر من كونه حاكمًا. لم يكن الخميني في منتصف السبعينيات من القرن الماضي يشغل منصبًا عامًا مطلقًا ، وخرج من إيران لمدة عقد من الزمان وأخبر المستجوبين أن “الشخصيات الدينية لا تريد أن تحكم”.
كانت أهم هيئات الثورة الإيرانية هي المجلس الثوري والحرس الثوري والمحاكم الثورية والحزب الجمهوري الإسلامي واللجان الثورية.
في جوهرها ، كانت الثورة الإيرانية في فبراير 1979 تمردًا للمجتمع ضد الدولة ، والتي لم تمثل مجرد دكتاتورية عادية بل نظامًا مطلقًا وتعسفيًا يفتقر إلى الشرعية السياسية والقاعدة الاجتماعية في جميع أنحاء المجتمع تقريبًا وانتهت بعد ذلك بنظام اكثر استبدادًا ودكتاتورية من السابق مع طموحات توسعية لاحدود لها.

إيران – الجزء الأول – التاريخ وعصر ما قبل الثورة

إيران – الجزء الأول – التاريخ وعصر ما قبل الثورة

تعتبر إيران من أقدم قلاع الحضارة العالمية ، وتقع في غرب آسيا ويحدها من الغرب العراق وتركيا ، وأذربيجان وأرمينيا من الشمال الشرقي ، وبحر قزوين وتركمانستان من الشمال ، وأفغانستان وباكستان. من الشرق و خليج عمان والخليج العربي من الجنوب وتغطي مساحة قدرها 1.64 مليون كيلومتر مربع مما يجعلها البلد السابع عشر بين البلدان الأكبر المساحة ويبلغ عدد سكانها 86 مليون نسمة.ايران بلد متعدد الأعراق تاريخيا ،
لا تزال إيران مجتمعًا تعدديًا يضم العديد من الجماعات العرقية واللغوية والدينية وأكبرها هم الفرس والأذريون والأكراد والمازاندرانيون واللور .. ولديها احتياطيات كبيرة من الوقود الأحفوري ، والتي تضم ثاني أكبر إمدادات الغاز الطبيعي وثالث أكبر احتياطيات النفط المؤكدة.
موقعها الجغرافي الاستراتيجي يجعلها قوة متوسطة ومساهم رئيسي في الشرق الأوسط.
وهي عضو مؤسس في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة أوبك.

يعود تاريخ إيران السياسي إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد مع تشكيل الممالك العيلامية. تم توحيدها لأول مرة من قبل الميديين ، وهو شعب إيراني قديم في القرن السابع قبل الميلاد ، ووصلت إلى ذروتها الإقليمية في القرن السادس قبل الميلاد ، عندما أسس قورش الكبير الإمبراطورية الأخمينية الفارسية ، والتي أصبحت واحدة من أكبر الإمبراطوريات في التاريخ. سقطت في يد الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد وتم تقسيمها لاحقًا إلى العديد من الدول الهلنستية ، ومن أبرزها الإمبراطورية الساسانية ، وهي قوة عالمية رئيسية على مدى أربعة قرون تالية.
غزا المسلمون العرب الإمبراطورية الساسانية في القرن السابع مما أدى إلى أسلمة إيران.
في القرن الخامس عشر ، أسس الصفويون الأصليون دولة إيرانية موحدة وحولوا البلاد إلى الإسلام الشيعي.
تحت حكم نادر شاه في القرن الثامن عشر ، ترأست إيران أقوى جيش في العالم على الرغم من ذلك فإن الصراعات مع الإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر أدت إلى خسارة مناطق واسعة من ايران ، مما أدى إلى اجبار الشاه رضا بهلوي  على التنازل عن العرش و تسليمه لابنه محمد رضا بهلوي في سبتمبر 1941.
خلال عهد رضا شاه ، تم تأميم صناعة النفط الإيرانية لفترة وجيزة في ظل رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطياً محمد مصدق. الذي أصبح يتمتع بشعبية كبيرة في إيران بعد أن قام بتأميم صناعة البترول واحتياطيات النفط.
أطيح به في عام 1953 بعملية الانقلاب الإيراني ، وهي عملية سرية أنجلو أمريكية كانت بمثابة أول مرة أطاحت فيها الولايات المتحدة بحكومة أجنبية خلال الحرب الباردة.
تحت حكم محمد رضا بهلوي ، احتفلت إيران بذكرى 2500 عام من الملكية المستمرة منذ تأسيس الإمبراطورية الفارسية على يد كورش الكبير.
كما أدخل الثورة البيضاء ، وهي سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مع النية المعلنة لتحويل إيران إلى قوة عالمية وتحديث الأمة من خلال تأميم بعض الصناعات ومنح المرأة حق الاقتراع. كانت نتيجة هذا البرنامج تحديثًا سريعًا ونموًا اقتصاديًا بمعدل غير مسبوق ، مدعومًا باحتياطيات النفط الإيرانية الهائلة.
المسلم العلماني ، محمد رضا شاه فقد تدريجياً الدعم من رجال الدين الشيعة في إيران وكذلك الطبقة العاملة ، لا سيما بسبب سياسته القوية في التحديث والعلمنة ، والصراع مع الطبقة التقليدية من التجار ، والعلاقات مع إسرائيل وقضايا الفساد المحيطة به ، و بعائلته و بالنخبة الحاكمة.
تم اتباع سياسات أخرى مختلفة مثيرة للجدل ، بما في ذلك حظر حزب (توده ) الشيوعي وقمع عام للمعارضة السياسية من قبل وكالة المخابرات الإيرانية(SAVAK).
وفقًا للأرقام الرسمية ، كان لدى إيران 2200 سجين سياسي في عام 1978. ومن العوامل الرئيسية الأخرى التي ساهمت في معارضة قوية للشاه بين مجموعات معينة داخل إيران دعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لنظامه ، والاشتباكات مع الإسلاميين وزيادة النشاط الشيوعي. بحلول عام 1979 ، تحولت الاضطرابات السياسية إلى ثورة أجبرته في 17 يناير على مغادرة إيران ، وبعد ذلك بوقت قصير ، ألغيت الملكية الإيرانية وأعلنت إيران جمهورية إسلامية.

الوضع الحالي في العراق وصمام امان العملية السياسية!

الوضع الحالي في العراق وصمام امان العملية السياسية!

ان ما يعيشه البلد اليوم من معترك سياسي حقيقي لم يسبق له مثيل بين اطراف العملية السياسية المشوهة يدعونا الى التوقف والقاء نظرة حقيقة ومتجردة حول ما يدور في البلد واستخلاص نقاط معينة نستطيع من خلالها استقراء المستقبل الذي ينتظر ابناء البلد ،
بدايةً فأن المتابع الحقيقي للاحداث التي دارت خلال الفترة الماضية من مظاهرات ومطالبات واستقالات لتيارات سياسية وخروج الشباب الى الساحات والشوارع مطالبين ب” وطن” يستطيعون العيش فيه على الاقل وكل ما تلى ذلك من ضجة حدثت ثم ينظر الى الواقع الان فأنه يُصدم حقيقة لان الواضح الذي لايقبل الشك ان امر العراق ليس بيد العراقيين ولا بيد السياسيين واحزابهم حتى والدليل على ذلك رغم كل ما ذكرناه من معاناة تعود الينا الاحزاب السياسية الموجودة جميعها دون استثناء اي جهة ، لتخرج لنا بنسخة هي الاسوء بين الحكومات منذ ٢٠٠٣ وقد يتبادر الى ذهن القارئ انه من المبكر اطلاق الأحكام على التشكيلة الحكومية الحالية وهنا لا يسعنا الان ان نذكر المثل الشعبي القائل” نفس الطاس ونفس الحمام ” نفس الاشخاص الذين تورطوا بالتهجير وبسقوط المدن بيد الجماعات الارهابية وبقضايا الفساد الغير منتهية والسجون المليئة بالابرياء والبنى التحتية المهترئة والسيادة الضائعة بين دول الجوار ، يعودون نفسهم لتشكيل حكومة من المتوقع منها اخراج البلد من ازمات لاحصر لها.
واما فيما يخص صمام امان العملية السياسية فأن المقصود به هما دون تلميح هو زعيم التيار الصدري والذي يعمل حقيقة ك منفس للضغط الشعبي الذي يتولد بين فترة واخرى كما رأينا في المرات السابقة وهذه المرة كذلك فكلما يضيق الشارع ذرعاً بالاوضاع التي يعيشها البلد ويخرج الشباب للساحات يأتي التيار الصدري وزعيمه لامتصاص الغضب هذا بشعارات رنانة ومن ثم تسليم البلد للسياسيين لاستكمال منهجهم المتعارف عليه.

وفي الختام وللتذكير فقط فيما يخص حكومة الكاظمي:
١- فشل ذريع في إدارة الملفات الخدمية والأمنية حتى كان اعظم انجازات الحكومة هو تبليط بعض الشوارع كدعايات انتخابية لبعض السياسيين .

٢-فشل في تطبيق الاتفاقات الاقتصادية على ارض الواقع والتي تم توقيعها مع دول الجوار في القمم الرنانة التي تم عقدها. وهنا نترك السؤال مفتوح مامصير هذه الاتفاقيات الاستثمارية!!؟؟؟

٣-انخفاض قيمة الدينار وتأثيرها على المواطن بشكل مباشر.

٤- عدم محاسبة اي فاسد بل وعدم فتح اي ملف فساد حقيقي منذ اليوم الاول

٥- وصول الدرجات الوظيفية الخاصة الى ٦ الاف درجة بما نسبته ٤٠٪؜ من الموازنة الرواتب والبطالة والترهل الوظيفي يقضي على جزء كبير من النسيج المجتمعي العراقي.

ملخص الوضع العراقي الحالي

يستمر الوضع المتأزم في العراق دون وجود مخرج حقيقي للأزمة الحاصلة الامر الذي يعيد المشهد حقيقةً الى المربع الأول مع استمرارية وجود العديد من السيناريوهات المطروحة والتي بمجملها تنبأ بوجود ازمة حقيقية وسنحاول في هذا الملخص ايجاز ما يحدث في البلد اليوم بعدة نقاط :

١ـ اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء والقصر الجمهوري وما جرى خلال الاقتحام من صدام بين الفصائل المسلحة الامر الذي اظهر عمق الخلاف بين المليشيات بكافة فصائلها وما حدث من كسر عظم ان صح التعبير ما هو الا صورة مبسطة عن عمق الخلاف الحقيقي.

٢ـ استقالة المرجع الشيعي كاظم الحائري في ماتم الاعلان عنه في بيان الاستقالة انها جاءت بسبب كبر سنه ومرضه وفي حقيقة الامر فأن الاستقالة هزت كيان الشارع السياسي وخصوصا التيار الصدري وعلى رأسه زعيم التيار مقتدى الصدر حيث كان الغطاء الشرعي لزعيم التيار مستمد من وجود المرجع الحائري ، بطبيعة الحال فان استقالة الحائري جاءت للتقليل من مكانة النجف ومن شأن زعيم التيار مقتدي الصدر وتوجيه انصاره باتباع المرشد الاعلى علي خامنئي وخاصة بعد توصية الحائري اتباعه بتقليد المرجعة السيستاني

٣ـ بعد مرور اكثر من عشرة اشهر على الانتخابات دون وجود اي بوادر للتوافق السياسي الامر الذي سيصل بنا عاجلا ام اجلا الى انهيار المنظومة البرلمانية واعادة الانتخابات الامر الذي سيعيدنا الى نقطة الخلاف الرئيسية.

٤ـ توقيت ظهور التسريبات الصوتية للعديد من السياسيين وماظهر في تلك التسجيلات من امران مهمان جدا للشارع العراقي ، الامر الاول هو حجم الخلاف الحقيقي بين السياسيين من ابناء المذهب الواحد ان صح استخدام العبارة ، الامر الاخر هو حجم الفساد الذي تمارسه الطبقة السياسية على مقدرات الشعب العراقي مراهنين على صمت الشعب والذي لا اعتقد انه سيطول كثيرا بعد اليوم بطبيعة الحال فأن المراقب للشأن العراقي يعلم ان التسريبات التي تم نشرها المقصود منها حقيقة هو اظهار ضعف الطبقة السياسية الحالية والسؤال المهم هنا من يمتلك كل هذه التسجيلات وامر بنشرها.

٥ـ استمرار الموقف السياسي للاطار التنسيقي في المضي بتشكيل الحكومة دون مشاركة التيار، الامر الذي وجه الانظار الى المظاهرات التي حدثت في الاول من الشهر الحالي والتي لم تكن بحجم الاعلان المتداول قبلها.

٦ـ استقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والتي في حقيقة الامر هي مناورة سياسية مع اعادة لتوجيه الانظار الى البرلمان الذي لم يبت في امره حتى اللحظة و نوع من الدعاية الشخصية التي يحتاجها رئيس البرلمان حاليا.

٧ـ تصريحات المبعوثة الاممية للعراق بلاسخارت والتي صرحت بفشل الطبقة السياسية في ادارة البلاد بالشكل المطلوب والخروج من الازمة .

الحل وسندان الانقسام

يستمر الوضع الحالي في البلد بالتأزم والوصول نحو نقطة اللاعودة وسط العديد من المبادرات التي يتم طرحها يومياً والتي ان صح التعبير تعد حلول ترقيعية لتناول ازمة متفاقمة خلفها الاحتلال منذ ١٩ عاماً، بعد ان خرج انصار التيار الصدري للتظاهر والاعتصام في نهاية الشهر الماضي ،
ونحن نشهد يوماً بعد يوم انسداد حقيقي في المشهد السياسي في البلد والذي اصبح مهترئ بطريقة غير مسبوقة، فمنذ اليوم الأول لثورة تشرين والأحزاب السياسية في البلد تلفظ انفاسها الأخيرة.
اما اليوم فأن فجوة الخلاف بين الطبقات السياسية وصلت الى نقطة اللاعودة ، فعلى سبيل المثال الأحزاب السياسية الشيعية وصل الخلاف بيها الى مرحلة كسر العظم وسط حالة غيو مسبوقة من زعيم التيار الصدري والذي خرج بنبرة اصلاحية تجاوزت الحدود الطائفية وكما نشاهد اليوم شعبية زعيم التيار الصدري تنامت بشكل ملحوظ منذ بدء التظاهرات في مناطق غرب بغداد والشمال اي تحديدا بين المحافظات السنية والاوساط الكردية الأمر الذي يجعل السياسيين يشعرون حقيقة بخطورة هذا الموقف الذي اصبح يهدد وجودهم في البلد.
وما بالنسبة للسياسيين السنة فان التحركات واضحة لأنشاء تيار سنة خارج منظومة رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي ومحاولة هذا التيار للسيطرة على مجلس النواب.
وفيما يخص السياسيين الأكراد فأنهم يحاولون الظهور حاليا بشكل متماسك اكثر من اي وقت مضى على الأقل إعلامياً في محاولة لمراقبة الوضع والتطورات القادمة بطريقة حذرة نوعا ما.
وبالعودة لبغداد فأن المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء الكاظمي باءت بالفشل وسط رفض التيار الصدري للحضور والذي يشكل الاساس الحقيقي للحل، اما التيار الصدري وحتى هذه اللحظة غير معلوم التوجه الحقيقي الامر الذي يجعل القراءة الحالية للوضع ضبابية بإمتياز.
ولاننسى كذلك العديد من التساؤلات الحقيقية التي توجه للتيار الصدري كون الوزارات الخدمية خلال السنوات الماضية كانت بجعبة التيار فأين محاربة الفساد والمفسدين؟!.
ولعل السؤال الحقيقي الذي من الممكن طرحه بالنظر لما حدث في الايام السابقة ، ماذا لو كانت المظاهرات التي حدثت يقودها شباب تشرين هل كان من الممكن دخولهم لمجلس النواب وساحة الاحتفالات وإقامة اعتصامهم فيها ام كانوا سيواجهون بالقتل من قبل الطرف الثالث كما حدث في الناصرية وبغداد وغيرها من المحافظات .
واما بالعودة للمحيط العربي والذي لائما ما يظهر بحلول ترقيعية لاحتواء الطبقة السياسية الحالية دون النظر لتاريخ ارتباطاتها والذي من المستحيل ارجاعها للحضن للعربي كما يسمونه .
ختاما فأن الاستتار بالعمامة الدينية واستمالة الناس بالتصريحات الرنانة ومحاولة اللعب بعواطف الشعب لن تستمر وستنكشف عاجلا ام اجلا الامر الذي سيؤدي الى اقتلاع هذه العملية المشوهة بمختلف اطيافها.
ملاحظة: ان المركز سيقوم بنشر دراسة قريبا حول الاحداث والتطورات الغير المسبوقة التي شهدتها الساحه العراقية خلال الايام الماضيه وسنستعرض الاسباب و النتائج ورؤية للمستقبل فوجب التنويه

العراق وزيارة بايدن

تأتي زيارة بايدن الى الشرق الاوسط تجسيدًا للسياسة الإستراتيجية الامريكية الثابتة لمنطقتنا والتي أوجزها بما يلي :-
1/ أمن إسرائيل
2/ السيطرة والهيمنة على منابع النفط والغاز والطاقة في المنطقة
3/ التقليل (( وليس الإنهاء)) من الدور الايراني في المنطقة العربية
ولاحقًا يمكن إضافة أهداف آخرى لهذه السياسة الإستراتيجية وفقًا لتطور الأوضاع في العالم والمنطقة وهي:-
1/ الضغط على دول الخليج العربي لزيادة أنتاجها من النفط وتقليل اسعاره لتعويض النقص في النفط والغاز الروسي بسبب الحرب الروسية الاوكرانية والتي تسعى أمريكا جاهدةً لإطالة أمدها لاستنزاف روسيا وتدميرها
2/ الخوف الامريكي من التمدد الروسي والصيني في المنطقة ومليء الفراغ الامريكي والذي إعترف به بايدن قائلًا اخطئنا عندما أهملنا الشرق الاوسط
سنتناول في هذه الدراسة من زيارة بايدن هو تأثيرها على وضع العراق المتأزم على طول الخط وهنا لابد من الذكر بأهم ما في هذه الزيارة هو ما أعلنه بايدن شخصيًا بربط العراق بالمنظومة الكهربائية لدول الخليج العربي عبر السعودية والكويت وهنا أريد ان أوضح مايلي:-
1/ لماذ لا تلزم أمريكا شركاتها الكبرى بإعادة إعمار وتأهيل وبناء المحطات الكهربائية التي دمرتها قواتها العسكرية وصواريخها عند احتلالها البغيض والغير شرعي ولااخلاقي والمنافي لاستقلال وسيادة الدول والمنافي لحقوق الانسان !!!! بدل ماتربطنا مرة بأيران وتارة اخرى بدول الجوار و الخليج
2/ لماذا لا تسمح إمريكا للشركات الكبرى من الدول الأخرى ببناء وتأهيل المحطات الكهربائية في العراق مثل ماقامت به هذه الشركات في مصر!!!
3/ ماسيتم تأمينه من الربط الخليجي هو 1500 ميغاوات بينما حاجة العراق الفعلية تتجاوز ( 20) الف ميغاوات وبهذا يكون حلًا ترقيعياً وقتيًا و مكسب اعلامي ليس الا
4/ الإتفاق العراقي على الربط الكهربائي تم قبل 4 سنوات ولم يتقدم خطوة واحدة وبقي حبرًا على ورق وذلك لأن القرار الاقتصادي والأمني والسياسي بيد إيران التي تعارض وتمنع اي تقارب عراقي مع العرب
5/ الربط يحتاج الى بنى تحتية لا يمكن تأمينها إلا بجهود استثنائية وعمل مستمر ومتواصل من سنة الى سنة ونصف على أقل تقدير

ويبقى السؤال الأهم
هل تبقى إيران وذيولها مكتوفة الايدي وهي التي تعتبر حاجة العراق للطاقة الكهربائية سوقها المهم ورئتها التي تتنفس منها للحصول على المليارات وللتحايل والالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليها وان كانت في الحقيقة عقوبات شكلية
وللوصول الى الحقيقة وفهم الوضع العراقي إلان في ظل الموجات العنيفة لأمنيات حدوث التغيير في العراق هو الإجابة على الأسئلة التالية:-
1/ هل أمريكا حقًا هي غير راضية او منزعجة مما يجري في العراق ؟؟ وهي التي أسست واشرفت على العملية السياسية الفاشلة فيه!! وهي من دعمت وساندت الأحزاب السياسية وشخصيات هذه العملية ولحد ألان!!
2/ هل أمريكا حقًا تريد عراق متطور ومزدهر ومستقر وذو سيادة وقرار مستقل وديموقراطي يكون نموذجًا في الشرق الاوسط….
ونترك للايام الاجابة عن هذه التساؤلات وللاغلبية الصامتة القول الفصل في النهاية.

العميد الركن الدكتور
أعياد الطوفان

معلومات الإتصال

[email protected]

راسلنا

    مركز ذو الفقار للدراسات و الابحاث الاستراتيجية و حقوق الإنسان .... و هو مؤسسة خاصة بحثية مستقلة تعنى بالشأن العام في العراق وتأثيرات محيطه الاقليمي والدولي عليه.