الحدباء بين الواقع المأساوي والمستقبل المجهول الجزء الثالث والأخير …!

540 Views

نستكمل في الجزء الاخير من هذه الدراسة والتي تناولت في جزئيها السابقيَن وقائع ومشكلات حقيقية عانت من مدينة الموصل الحدباء ولا تزال حتى يومنا هذا ومن اجل تسليط الضوء على اكبر قدر ممكن من المشكلات الجوهرية التي تعاني منها المحافظة فأننا سنستكمل ماتبقى من اهم تلك الأمور ونبدأها:

١- جامعة الموصل:
ذكرنا جامعة الموصل على وجه الخصوص هنا والمقصود حقيقةً هو التطرق لواقع التعليم الجامعي في المحافظة ولما لهذه الجامعة العريقة من مكانة تجاوزت في حقيقتها حدود البلد لدول الجوار ونجد اليوم العديد من الاطباء والمهندسين وحملة الشهادات والتخصصات المرموقة في الوطن العربي هم خريجين لجامعة الموصل ويعتزون حقيقةً بذلك ويذكرونه كلما سنحت الفرصة لهذا.

اللبنات الأولى لبناء جامعة الموصل إلى عام 1959م، وهو العام الذي باشرت فيه كلية الطب عامها الدراسي الأول في الموصل، ولكن كان الظهور الفعلي لجامعة الموصل بوصفها مؤسسة علمية تربوية قائمة على أرض الواقع يعود إلى الأول من نيسان من العام 1967م، وهو اليوم الذي صدر فيه القرار (14) الخاص بتأسيس جامعة عراقية باسم – جامعة الموصل – وقد توسعت الجامعة على مدى سنوات عملها فأصبحت تضم عشرين كلية و(7) مراكز بحثية و(6) مكاتب استشارية وخمس عيادات ومستشفيات وستة متاحف وعدداً من المديريات والوحدات الفنية والإدارية، تسعى جامعة الموصل إلى تحقيق أهداف التعليم العالي في العراق وهي إعداد الكوادر الوطنية المؤهلة علمياً في مئة اختصاص علمي ودعم حركة البحث العلمي وخدمة المجتمع، فعلى صعيد إعداد الكوادر تمنح جامعة الموصل شهادات البكالوريوس والدبلوم العالي والدبلوم المهني والماجستير والدكتوراه في مئة اختصاص علمي موزعين في مجالات التخصصات المختلفة لأقسام الجامعة،
وأصدرت الجامعة أول تقويم فلكي عربي منذ العصر العباسي وأحد أهم أربعة تقاويم عالمية وقد أصدرت أجزاء التقويم السنوي منذ العام 2000م تقدر مساحة المركز الأول لجامعة الموصل بـ 52,85 هكتاراً يضاف إليها مساحة كلية الزراعة والغابات البالغة 41,01 هكتار وتقدر مساحة المركز الجامعي الثاني بـ 2,296 هكتاراً بضمنها دور الاساتذة وتقدر مساحة كلية الطب بـ 8517 م.

وأما في الاعوام التي تلت عام ٢٠٠٣ فأن جامعة الموصل تعرضت لما تعرض له مختلف الجامعات في البلد من سوء الاوضاع الأمنية وتردي الخدمات .

حملة اغتيالات ممنهجة طالت الكوادر التدريسية والقامات العلمية في الجامعة مما أدى الى نزوح العديد من الكوادر التدريسية والطلابية الى جامعات أخرى في داخل البلد وخصوصا إقليم كردستان او الى خارج البلد، ومن الجدير بالذكر في تلك الفترة ان جامعة الموصل شكلت ملجأ وملاذ لعديد من الطلاب في مختلف المحافظات وذلك لسوء الاوضاع الأمنية وتردي الخدمات في محافظاتهم.

وأما المرحلة التي تلت سقوط الموصل بيد ما يسمى ب” تنظيم الدولة الإسلامية” تعرضت الجامعة لدمار كبير حيث تدمرت 15 بناية للتدمير الجزئي وهناك كليات تدمرت بالكامل منها كلية الطب البيطري وكلية طب الأسنان وتعرضت المكتبة بالكامل للحرق وكذلك مبنى رئاسة الجامعة ، وتمكنت القوات العراقية منتصف كانون الثاني 2017 من فرض سيطرتها على مبنى جامعة الموصل اثر معارك ضارية مع التنظيم، واتخذ التنظيم منذ سيطرته على الموصل في حزيران 2014 من المختبرات العلمية لجامعة الموصل معامل لاعداد الاسلحة والذخائر الحربية .

٢- الزراعة والقطاع الزراعي في المحافظة:
تتصف الزراعة في نينوى بالزراعة الديمية. ونظراً لوجود مساحات واسعة صالحة للزراعة فيها، فقد تم تخصيص الجزء الأكبر منها في زراعة محاصيل الحنطة والشعير وكذلك القطن والشلب والذرة الصفرء وعباد الشمس والخضروات والبقوليات والبذور الزيتية والاعلاف. بعد افتتاح المشاريع الاروائية اخذت المساحات المزروعة بالتوسع وتعتبر نينوى من المحافظات الأولى لإنتاج الحبوب في العراق.

ومن الجدير بالذكر ان نينوى من أكثر المناطق الزراعية إنتاجا في العراق قبل وصول ما يسمى ب تنظيم الدولة الإسلامية حيث كانت تنتج نحو 1.5 مليون طن من القمح سنويا أو ما يعادل 21 بالمئة من إجمالي إنتاج العراق من القمح و32 بالمئة من إنتاج الشعير، ولكن التحديات مازالت مستمرة حتى يومنا هذا حيث يعاني القطاع الزراعي من الأهمال الحكومي وضعف القدرة لدى المزارعين لتعويض خسائرهم التي تسببت بها الصراعات والحروب المتتالية ، ومن المفارقات العجيبة ان الموصل بما تملكه من مقومات مهولة لتطوير الزراعة والانتاج الزراعي ما لو تم استثماره بالشكل الصحيح لغطى احتياج جزء كبير من البلد بل وفاض على ذلك.

٣-المستشفيات والمنظومة الصحية:
تعرضت البنية التحتية الصحية في الموصل لأضرار شديدة، خاصة أن التنظيم لم يتردد في أن يتخذ منها مقرات لمسلحيه خلال المعارك ما عرضها لقصف جوي ومدفعي مستمر، حيث تعرضت بعض المستشفيات للدمار بنسبة 80 بالمئة واخرى بنسب تتراوح بين ال40 وال 60 بالمئة ومن ولا ننسى ان مشكلة نقص الادوية وانقطاع الكهرباء ونقص الأجهزة شكلت وتشكل اهم التحديات التي تواجه هذا القطاع ولم تكن هذه المعضلات الوحيدة لهذا القطاع حيث وكما اشرنا في دراسة سابقة للواقع الصحي في البلد و ماتعرض له من تدمير وسوء إدارة على مدى 17 عاماً مضت وما زالت ،سابقا شكلت مستشفى الموصل احد اهم الوجهات العلاجية في البلد ومنذ تأسيسها وذلك لتوفر كادر طبي كان من الافضل في وقته.

٤-المهجرين في المحافظة
شكلت المعارك التي دارت في الموصل وعلى مدى ثلاث اعوام موجة نزوح تعد من الاكبر في تاريخ العراق والمنطقة فقد الكثير من ابناء المحافظة منازلهم بسبب المعارك والقصف المستمر وماتعرضوا له من قتل على يد التنظيم والذي كان ممنهجا ومعدا لأفراغ المدينة من أهلها فأصبح الناس امام خيارين لا ثالث لهما اما القتل تحت وطأة المعارك او التوجه للمخيمات والنجاة بأرواحهم وسجلت المنظمات العالمية اعداد متفاوتة من المهجرين والنازحين الذين اصبحوا بلا مأوى وبلا ابسط مقومات للعيش الكريم ولم تنتهي المعاناة عند هذا القدر فأصبحوا وبعد طرد التنظيم الهمجي تحت وطأة المليشيات المتنفذة في المدينة والتي تدار من قبل العديد من رؤوس الفساد في العراق عموما والمدينة على وجه الخصوص.
هذه كانت نبذة بسيطة عما جرى ويجري حتى هذه اللحظة في محافظة تعد احد قلبين للعراق هما الموصل والبصرة، هل سنشهد قريبا عودة الحياة لمحافظة كانت يوما منبعاً لها ام ستسمر حكومة الاحزاب بنفس النهج ؟!

 

*يمنع منعاً باتاً استخدام المعلومات والنصوص الخاصه والواردة في هذا الموقع الا بأذن مسبق من ادارة المركز

لا تعليق

معلومات الإتصال

[email protected]

راسلنا

    مركز ذو الفقار للدراسات و الابحاث الاستراتيجية و حقوق الإنسان .... و هو مؤسسة خاصة بحثية مستقلة تعنى بالشأن العام في العراق وتأثيرات محيطه الاقليمي والدولي عليه.