سبق ان تكلمنا في الجزء الأول عن الموقع الجغرافي واهميته بالنسبة لمحافظة ديالى وكذلك التنوع السكاني فيها والذي لم يشهد طيلة السنوات التي سبق عام ٢٠٠٣ اي اضطرابات مذهبية او طائفية، وسنكمل في هذا الجزء حديثنا عن محافظة ديالى من عدة محاور اخرى.
– شهدت محافظة ديالى منذ العهد الملكي عديد من التوترات الحدوية بسبب قربها من الحدود العراقية الإيرانية وكونها تشكل العمق الاستراتيجي الأهم للعاصمة بغداد حيث ان المسافة من الحدود الإيرانية عبر ديالى وحتى قلب العاصمة لا تتجاوز ال ١٥٠ كيلو متر ، الأمر الذي جعل ديالى مركز قوة حقيقي ومهم بالنسبة للحكومات العراقية المتعاقبة ،
– على سبيل المثال وعلى المستوى العسكري فأن الفرقة الثالثة للجيش العراقي كان مقرها في ديالى منذ العهد الملكي، وكذلك اللواء ١٦ واللواء ٢٠، التي انطلقت منها (ثورة ١٤ تموز) و كانت في “المقدادية” القضاء اللذي يتعرض اليوم لهجمات مختلفة وتهجير قسري لسكانه.
– في العهد الجمهوري تطورت القوة العسكرية للجيش العراقي وكان لديالى النصيب الكبير من تلك القوة حيث اصبحت مقر للفيلق الثاني و المسنود بفرقة خاصة من الحرس الجمهوري والتي كانت ضمن صنف الدروع اضافة الى كتائب الدفاع الجوي، ولعل تمركز القوى هذا كان احد اهم اسباب الهدوء الامني الذي شهدته هذه المحافظة قبل العام ٢٠٠٣، بطبيعة الحال وكما ذكرنا حول التنوع السكاني في المحافظة فقد شهدت اثناء الحرب العراقية الايرانية تهجير لعدد من السكان الأكراد في المناطق المحاذية للحدود والذي حدث على الأغلب بس الخوف من الولاءات واغلبها تهم كيدية من متنفذين بالسلطة و في تلك المنطقة تعرضت العديد من قرى المحافظة وبساتينها اثناء الحرب العراقية الإيرانية للقصف المستمر حيث نزح خلال تلك الفترة العديد من السكان تاركين خلقهم قراهم والتي اصبحت شبه مهجورة بالكامل ، للأسف وخلال تلك الفترة لم يتم تعويض الخسائر المادية للاهالي وضياع حقوقهم وثرواتهم من غير ذنب ويظهر هنا تقصير واضح من الحكومة انذاك اتجاه هذا الامر
– وأما خلال الأحداث التي شهدها البلد عقب الانسحاب من الكويت فأن محافظة ديالى لم تسجل اي اضطرابات سواء بين السكان او مع الدولة في تلك الفترة الامر الذي يعود فضله الى مشيخة عشائر بني تميم وعلى رأسها الشيخ المرحوم رشيد ملا جواد ، حيث بسطت عشائر بني تميم سيطرتها الكاملة على المحافظة واستمر الحال كذلك حتى اعادت الدولة بسط سيطرتها على مختلف المحافظات.
– الشاهد من كل ماسبق عزيزي القارئ هو أن على مدى عقود كانت محافظة ديالى اشهد استقرار وهدوء واستدامة لمختلف الأنشطة الحيوية لا سيما منها الزراعية والتي تشكل جانب مهم فيها دون ادنى خلل حتى العام ٢٠٠٣ وبدء التدخل الإيراني عبر التنظيمات المتطرفة والمليشيات العلنية على حد سواء وحتى هذه اللحظة في محاولة لبسط نفوذ قبيح في هذه المحافظة حتى وصل الحال اليوم الى إفراغها من سكانها !!!!!!
– ختاماً فأن مختلف محافظات العراق اليوم تشهد ما شهدته ديالى بنسب متفاوتة الى حدٍ ما وسط ضياع حقيقي لأي معنى من معاني الدولة والسيادة وبغطاء وصمت عالمي قبيح .
*يمنع منعاً باتاً استخدام المعلومات والنصوص الخاصه والواردة في هذا الموقع الا بأذن مسبق من ادارة المركز