مقدمة
لقد أكد ترامب في حملته الرئاسية لعام 2024 مرارًا وتكرارًا على استمرارية نهج “أمريكا أولاً”، وإعطاء الأولوية للقومية، وإلغاءالقيود التنظيمية، وحملات قمع الهجرة، والمواجهات مع مختلف البلدان الصديقة والحليفة قبل بلدان المواجهة فبعد تنصيبه في يناير 2025، و في أول خطاب سياسي له، ظل ملتزما بموقفه السابق المتمثل في جعل “أمريكا عظيمة مرة أخرى،” وتحسين الاقتصاد الأمريكي، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وفرض رسوم جمركية باهظة على الحدود مع المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي ودول البريكس والصين. وكان أهم بيان سياسي أدلى به في شرح سياساته هو التزامه بالحفاظ على السلام والوئام في العالم وأن هذا سيكون إرثه، يمكن وصف بعض القضايا التي أعلن عنها مثل تسمية خليج المكسيك بخليج أمريكا والاستيلاء على قناة بنما بأنها خطابات سياسية في أفضل الأحوال.
واما أبرز القرارات السياسية التي أعلن عنهاترامب هي:
الهجرة وأمن الحدود:
- الترحيل الجماعي: تعهد ترامب بإطلاق “أكبر عملية ترحيل محلية في تاريخ الولايات المتحدة”، تستهدف المهاجرين غير المسجلين. وسيؤثر هذا بشكل خاص على المهاجرين من أمريكا اللاتينية والهند الذين لديهم أعلى نسبة من المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة. حتى أنه أمر بحالة طوارئ على الحدود بين الولايات المتحدة وا لمكسيك لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين المكسيكيين والاتجار بالمخدرات. كما أعلنت المكسيك عن وضع 35 ألف جندي على حدودها لتنفيذ سياسة ترامب المعلنة.
** إلغاء حق المواطنة بالولادة. في خطوة كبيرة، أعلن ترامب إلغاء منح الجنسية للأطفال المولودين في الولايات المتحدة بغض النظر عن جنسية الوالدين. لن يكون هذا الحق متاحًا الآن إلا لأطفال المواطنين الأمريكيين. يمكن أن يكون لهذا الحكم الدستوري منذ عام 1940 آثارقانونية وسيتطلب مصادقة الكابيتول بطبيعة الحال. - إحياء حظر السفر:
إعادة فرض أو توسيع القيود المفروضةعلى دخول الأشخاص من الدول أو المناطق ذات الأغلبية المسلمة التي تعتبر “عالية الخطورة”. - إكمال الجدار الحدودي:
استئناف بناء الجدار الحدودي بينالولايات المتحدة والمكسيك،
الذي توقف في عهد الرئيس بايدن. - التداعيات العالمية:
واما مايخص قرارات ترامب وتداعياتها على الصعيد العالمي من الممكن القول انها انتجت توتر في العلاقات مع أمريكا اللاتينية، كندا و اوروبا اضافة الى تفاقم الأزمات الإنسانية، التي ستنتج جراء هذه القرارت المتوقع تطبيقها.
إحياء الاقتصاد الأمريكي.
كان الإعلان الأكثر أهمية وشعبيةمن جانب ترامب هو إحياء الاقتصاد الأمريكي المثقل بالديون. وقدتعهد بجمع 9 تريليون دولار أمريكي في السنة الأولى، ولتحقيق هذاالهدف ، أنشأ وزارة منفصلة تحت قيادة الملياردير إيلون ماسك.
وفي هذا الجانب أعلن أنه سيقوم بأول زيارة دولية له إلى المملكة العربية السعودية إذااستثمرت 500 مليار دولار أمريكي في الولايات المتحدة. وقد استجابولي العهد الأمير محمد بن سليمان لهذا الأمر تلقائيًا، حيث أعلن عن استثمار يزيد عن 600 مليار دولار أمريكي في الولايات المتحدة. وبصفته رجل أعمال، يركز ترامب على
إنعاش التصنيع في الولايات المتحدة وخاصة صناعة السيارات و الصناعات الثقيلة ومجالات الذكاء الاصطناعي
- العملات المشفرة*.
وتحت تأثير إيلون ماسك ونائبه فانس، أعلن ترامب
عن جعل الولايات المتحدة مركزًا للعملات المشفرة. ويرى أن هذه الخطوة من شأنها تعزيز قيمة الدولار الامريكي. - الرسوم الجمركية على الصين وكندا والمكسيك:
زيادة الرسومالجمركية “لفصل” الاقتصاد الأمريكي
عن الصين، وربما تتجاوز 60% على بعض السلع. أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع من المكسيك وكندا.
- الانتقام من الحلفاء:
التهديد بفرض رسوم جمركية على السيارات القادمة من الاتحاد الأوروبي وإعادة النظر في النزاعات التجارية
مع كندا والمكسيك. - التأثير العالمي:
المزيد من الاضطراب في سلاسل التوريد،والضغوط التضخمية، وإضعاف المؤسسات المتعددة الأطراف مثل منظمة التجارة العالمية.
هيمنة قطاع الطاقة والتراجعات المناخية - تسريع إنتاج الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم) من خلال تفكيك حوافز بايدن للطاقة الخضراء والقوانين المناخية. أعلن ترامب عن حفر واستخراج
موارد النفط والغاز الأمريكية وتصديرها إلى السوق العالمية. - الانسحاب من معاهدات المناخ:
الخروج من اتفاقية باريس(مرة أخرى) وإلغاء تمويل
المبادرات المناخية الدولية. وسيكون لهذا تأثير سلبي على الجهودالعالمية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وقد يؤدي إلى كوارث طبيعية وزيادة الفيضانات في
العالم. - التفاعل العالمي:
تقويض جهود المناخ العالمية، وتمكين الدول النفطية (مثل المملكة العربية السعودية وروسيا)، وعزل الولايات المتحدةعن حلفائها الأوروبيين.
السياسة الخارجية: التحالفات التبادلية**
** وقف الأعمال العدائية. كان الإنجاز الرئيسي الذي حققه ترامب حتى قبل توليه مقاليد الرئاسة هو إنهاء الصراع الذي دام أكثر من عام في غزة ووقف إطلاق النار المحتمل في الحرب الأوكرانية.
قد تكونالشروط التي وافقت عليها حكومة نتنياهو المتشددة
للهدنة المؤقتة مثيرة للجدل ولكنها عالجت بالتأكيد المعاناة الطويلةللفلسطينيين، الذين بدأوا في العودة إلى غزة بأعداد كبيرة في المرحلة الاولى ومن ثم العودة مرة اخرى بقرارت مغلفة بمقترحات تقضي بأخراج سجان غزة وتوزيعهم على الدول المجاورة مثل مصر والاردن وحتى السعودية. - شكوك الناتو:
الضغط على الحلفاء الأوروبيين لزيادة الإنفاق الدفاعي أو المخاطرة بتقليص مشاركة الولايات المتحدة، مما قد يؤدي الى إضعاف التحالف.
الخلاصة
لا تزال العديد من التصريحات السياسية للرئيس الأمريكي ترامب وحكومته في مرحلة
جنينية حيث لها تداعيات سياسية وقانونية ودولية. ولن يكون شكلهاالحقيقي واضحًا إلا بعد مرور بعض الوقت عندما تستقر الإدارة الجديدة وتتوضح خارطة الطريق الحقيقية التي سيتم سلوكها