كغيره من الملفات الشائكة في البلد يعد ملف المحاضرين المجانيين في العراق معضلة انتجتها الحكومات المتعاقبة من بعد العام 2003 ، حيث ظهرت المشكلة نتاجا للحلول الترقيعية التي انتهجتها الجهات الرسمية والتي لا تعالج مكامن الخلل بل تسعى الى تغطيته والمماطلة بإيجاد الحلول حتى تأتي حكومة اخرى وتتسلم الملف وينطبق الحال على جميع الملفات الشائكة والمعلقة منذ اللحضة الأولى لاحتلال البلد ، الامر الذي ان دل على شيئ فأنه يدل على عدم جدية جميع الحكومات السابقة والحالية على النهوض بالبلد على وجه الحقيقة، نعود بحديثنا لموضوع المحاضرين المجانيين ، شهد الشارع العراقي خلال العشر سنوات السابقة العديد من الاحتجاجات والمظاهرات من قبل المحاضرين احتجاجا على ما وصفوه ” وهو كذلك ” اجحافاً بحقهم وظلماً صارخاً لهم فيما يخص تثبيتهم بعقود تدريسية ثابتة وشمولهم بسلم الرواتب ، كذلك تمكنهم من الحصول على سلف بنكية اسوةً ببقية الموظفين في القطاعات الحكومية بالبلد وانتهاءً برفع رواتبهم والتي تعد الأدنى في سلم الوظائف في البلد.
وشهد العام 2021 في الربع الأول منه احتجاجات واسعة من قبل المحاضرين وذلك على إثر إقرار الموازنة في البرلمان والتي لم تشمل في ذلك الوقت اي بند يسمح بتحول المحاضرين من عقود مؤقتة الى عقود دائمية وعلى اثر ذلك أعلنت في وقتها وزارة التربية موافقة مجلس الوزراء على التعاقد مع المحاضرين والإداريين المجانيين العاملين بالوزارة، الى انه لم يلمس المحاضرين تطبيق القرار على ارض الواقع ومن الجدير بالذكر ان هناك شريحة كبيرة من المحاضرين يصل عددهم الى 230 ألف محاضر تمتد خدمتهم على مدار عشر سنوات ويشكلون عصب حيوي في تسيير شوؤن وزارة التربية والنهوض بالعملية التعليمية في البلد دون ان تتاح لهم فرصة التعيين الدائم ،
شهدنا في الفترة السابقة وتحديداً في الاسابيع الاخيرة من العام 2021 موجة احتجاجات قوية في عديد من المحافظات للمحاضرين شهدت في بعض المناطق قطع للطرقات وتصعيد من قبل المعنيين نتج عنه قرار من رئيس الوزراء بشمول المحاضرين في الموازنة المالية للعام 2022 . يبقى السؤال المطروح هو: في بلد يحتوي على مئات الآلاف من الفضائيين في المؤسسات العسكرية والحشد وغيرها من القطاعات وتصرف لهم رواتب بالمليارات تحت مرأى ومسمع من جميع الجهات القانونية وتحت رعاية كاملة من الرئاسات الثلاث تعجز فيه نفس المؤسسات من اصدار قانون ينصف المحاضرين الذي يحملون اسمى رسالة في الوجود الا وهي التعليم، وكمال قيل اذا ظهر السبب بطل العجب، فلا عجب بعد اليوم من الحال الذي وصل اليه البلد!!!!