المخدرات في العراق بين الماضي والحاضر
لا يخفى على القارئ ان المخدرات هي آفة العصر في الوقت الحالي ولا يكاد يوجد بلد في العالم لم تصل اليه هذه الآفة ولم ينكوي بنارها الا ان الأمر بالنسبة للعراق مختلف فقد كان العراق قبل الغزو اي قبل العام 2003 بعيد كل البعد عن هذه الآفة سواء على مستوى التجارة او التعاطي فقد كانت الدولة تتعامل مع هذا الموضوع في ذلك الوقت بقوة ردع كبيرة جداً حيث كان القانون يطبق على من يحمل او يروج جرام واحد من المخدارت بنفس الشدة مع من يتاجر بها بكميات كبيرة او حتى يتعاطاها بشكل شخصي مما شكل قوة ردع حقيقية ادت الى تجفيف منابع هذه الظاهرة في البلد، ومن حيث التصنيف فأن العراق كان يعد بلد عبور لا بلد تعاطي او اتجار .
بطبيعة الحال و شأنه شأن الكثير من الامور التي اتخذت منحى مغاير بعد العام 2003، فقد شاع تعاطي المخدرات في البلد بصورة كارثية حيث ظهرت احصائية لمستشفى ابن الرشد للامراض النفسية تشير الى وجود ثلاثة مدمنين بين كل عشرة افراد تتراوح اعمارهم بين ال18-30 واشارت إحصائية اخرى للهيئة الوطنية لمكافحة المخدرات في العام 2009 عن وجود 16 الف مدمن مسجل بينهم اكثر من الف طفل في بغداد وحدها الرقم الذي يشكل صدمة حقيقية تهدد بوحود كارثة فعلية داخل البلد وسط صمت عجيب من الحكومات المتعاقبة وحلول ترقيعية لاترتقي لمستوى الكارثة.
واما فيما يخص الأسباب الحقيقية وراء الامر فأنها عديدة ومتنوع ابتداءً من من وجود سلطة حقيقية للقانون قبل العام 2003 ووجود دولة فعلية تمارس عملها بتطبيق القوانين الرادعة التي من شأنها الحفاظ على المجتمع ، الامر الذي تفتقد اليه مجموعة الكيانات الهزيلة التي تدير الدولة العراقية اليوم والتي هي بحد ذاتها او نسبة كبيرة منها متورطة بتجارة هذه الآفة وإغراق البلد بها وصولا الى مستويات البطالة والأمية التي انتشرت بشكل مخيف في العقدين الماضية من الزمن مروراً بسيطرة المليشيات على المنافذ الحدودية ، انتهاءً بالاوضاع المضطربة التي تعيشها المنطقة المحيطة بالعراق وخصوصاً سوريا والتي اصبحت المصدر الأول للمخدرات في المنطقة منذ العام 2012 وحتى يومنا هذا.
لاشك ان من مصلحة اي كيان فاسد يسيطر على بلد غني مثل العراق ان يغرق البلد بهذه الآفة مستهدفاً فئة الشباب التي تشكل العمود الحقيقي للنهوض بالبلد ففي الوقت الذي يشهد العراق انتشاراً للمخدرات بين اوساط الشباب تستمر الأحزاب واذرعها المليشياوية بنهب خيرات البلد بطريقة همجية ستكون نتائجها وخيمة على الاجيال القادمة.